دوائي الضرير

موقع أيام نيوز

واحدة و لكن عاصم رفض بقوة و ڠضب.. و لم يقدر خالد على الإعتراض و ظل بجانب چثة شقيقته ينتظر سيارة أخرى..
و اخد آسر سيارة عاصم مع الحاج عبد الرحمن..
Back...
كان عاصم يجلس في إنتظار الضابط لإنهاء الإجراءات فحضر الضابط و معه طبيب شرعي..
الضابط أستاذ عاصم...
و لكن عاصم لم يرد عليه.. فقد كان في حالة يرثى لها حتى انه لم يهتم بحديث الضابط له.. و

كان بجانبه والده الذي لم تقل حالته عن حالة إبنه..
و لكن آسر و هو الذي أعتاد على تلقي الصدمات و الوقوف بجانب الجميع و خاصة شقيقته.. مسح دمعة حبيسة في عينيه و رد على الضابط..
آسر ايوة يا حضرة الظابط.. اتفضل.. انا جوز اخته و اخو مراته.
الضابط آه اهلا.. أنا طبعا مقدر الظروف جدا و عشان كدة جهزت كل الأوراق و خلصت كل الإجرائات.
آسر احنا متشكرين جدا لحضرتك.. يعني دلوقتي نقدر ناخده عشان... قصدي عشان.....
لم يقو لسانه على نطقها فتفهم الضابط موقفه و حزنه فرد على سؤاله الغير مكتمل....
الضابط ايوة تقدرو تاخدوه.. بس الأول لازم الطبيب الشرعي يشوفه عشان يكتب تقريره.
و قبل ان ينطق آسر جائهما رد عاصم الحاسم الذي لن يقبل النقاش..
عاصم لا.
آسر إيه يا عاصم في ايه
عاصمنظر إليهم بعيون بلون دماء الڠضب و الحزن ماحدش هايلمس ابني.. 
الضابط يا استاذ عاصم ماحدش هايلمسه بس الدكتور لازم يكتب تقريره عشان نرفقه بملف القضية.
عاصم و انا قولت لا يعني لا.. مش هاسيبلكم ابني تشرحو فيه.. لا.
الطبيببهدوء و تقدير لحالته ماتخافش يا استاذ عاصم... انا مش هاشرح الچثة.
اغمض عاصم عينيه پألم عندما سمع كلمة چثة و الطبيب يطلقها على ولده الذي لم يستطع ان يحمله بين يديه حتى.. لم يرى وجهه و تفاصيل ملامحه إلى الأن.. فتراجع الطبيب بحرج..
الطبيب احم.. انا اسف.. بس صدقني ماحدش هايأذيه ولا هايجرحه.. انا بس هاكشف عليه بإيدي بس عشان اكتب التقرير.
نظر له عاصم و هو يطلب وعد لما قاله فأكد الطبيب حديثه...
الطبيب صدقني يا استاذ عاصم مافيش حد هايمد ايده عليه.. و انا بديك كلمتي.
أومأ له عاصم بحزن يفتك بملامحه فما بال قلبه..
دخل الطبيب لكي يكمل عمله و ينهي كتابة تقريره.. ثم أنتهت الإجراءات و تم إستخراج تصريح بالډفن في نفس اليوم حسب طلب عاصم و الذي بسببه قد أجرى عدة إتصالات بمعارفه في وزارة الداخلية و المحافظة أيضا حتى ينهي كل شئ في أسرع وقت .
إستلم شهادة الۏفاة و نظر لها و لم يستطع كبح دموعه المقهورة الصامتة فرآه والده و إقترب منه ربت على كتفه...
عبد الرحمن ياللا يا ولدي.
نظر له عاصم بنظرات فارغة خاوية و قال ...
عاصم طلعتله شهادة ۏفاة بدل ما اطلعله شهادة ميلاد.
إحتضنه عبد الرحمن مربتا على كتفه بدعم و لم يتجرأ على قول كلمة واحدة.. فما يمكن أن يقال و يخفف و لو قليلا على قلب أب فقد وليده قبل أن يحمله و يرى وجهه.
عبد الرحمن هايعوضك.. ربنا هايعوضك يا ولدي اني عارف.. انت بس جول يارب.
عاصمو هو يمسح دموعه يارب يابوي... يارب.
أرسل الحاج عبد الرحمن سيارته إلى المشفى التي تسكن بها سارة و أرسل معها الخبر الذي زلزل كيان الجميع.. صدمة و قهر و حزن كان أقل ما يقال عن حالهم.
علا نحيب و عويل الحاجة هنية على فقدانها للحفيد الذي انتظرته طويلا.. بكت و بكى من معها على فقيدهم و على حال عاصم الذي وصفه لهم الغفير.
و زاد حزنهم بالأكثر على الأم التي فقد وليدها قبل ان تراه او تحمله و لو لمرة واحدة.. و هي حتى لا تدري شيئا مما يدور حولها.
عادت هنية مع هدى إلى السرايا لتلقي واجب العزاء و ذهب جميل حيث تقع مقاپر العائلة كي يودع حفيده الذي لم يقابله بعد مع باقي العائلة.
و ظلت سعاد بجوار ابنتها تبكي حفيدها و حال ابنتها عندما تستقبل الخبر..
خرج عاصم و من معه من المشفى بالسيارة التي يقودها اسر.. و كان عاصم يجلس بجواره يحمل وليده في كفنه.
و يالقساوة ذلك المشهد..
أب يحمل ابنه إلى قپره و هو لم يرى لون عينيه حتى.
انتشر الخبر في أنحاء الكفر كالڼار في الهشيم و تجمع على إثره كل رجال الكفر في غضون ساعة او اقل ليخرجوا في جنازة مهيبة صامتة دون دعوة.. فكل اهل القرية يدينون لتلك العائلة بالكثير.
دخل عاصم إلى القپر لكي يضع جثمان إبنه الذي راح ضحېة حقد و كره و أنانية إمرأة لا تعرف معنى الرحمة.
فقدت عقلها الذي طالبها بكل شئ.. طمع بكل شئ.. طلبت حب عاصم و إخلاصه و أمواله و أبناء منه و لكنها لم تكن مستعدة لإعطاء أي شئ في المقابل.. فحرمها الله من كل شئ.
دخل به و وضعه بجانب جد عاصم و أخذ يحدثه قليلا بدموع الحزن...
عاصم ياسين حبيبي انت سامعني صح... انا عارف ان انت سامعني..
خاېف يا حبيبي أنا مش عايزك تخاف.. انا ابني راجل مايخافش.. شوف حتى انا مارضيتش اسيبك لوحدك و جيبتك هنا جنب جدي.
جدك صالح.. كان بيحبني اوي و انا كمان كنت بحبه اوي اوي..صح يا جدي
عارف انك زعلان عشان بكلمه بحراوي مش صعيدي.. بس دة كان اتفاق بيني و بين أمه عشان يدخل مدرسة حلوة.
خد بالك منه يا جدي بالله عليك..

دة لسة صغير و أكيد خاېف.. 
و انت يا ياسين مش عايزك تعمل شقاوة و تتعب جدك ماشي.. 
و تحولت نبرته الڠضب و الغل و ليك عليا حقك هاخدهولك تالت و متلت..
و مش هاكتفي بإنها ماټت لا.. وحياة كل دمعة خوف نزلت منك وحياة كل صړخة طلعت منك و انت بتطلب حضڼ امك.
و حياة كل آه هاتطلع من جوف أمك اللي لسة ماعرفتش لاكون مشردهم كلهم...
نام يا حبيبي.. نام و ارتاح و حقك هايجيلك.
خرج بعد أن أراحه بجوار جده الكبير ليقابله أهل القرية في إنتظاره حتى يقدموا واجب العزاء و لكن جوابه لهم كان حاسما حازما لا يقبل اى نقاش..
أحد رجال القرية البجية في حياتك يا عاصم بيه.
عاصم لا.. ماحدش يعزيني.. مافيش عزا... أني ماهاجبلش عزا في ولدي جبل ما اخد حجه.. ياللا متشكرين كل واحد على داره..
و لكن قبل أن يرحل الجميع وجدوا سيارة أخرى تدخل إلى المقاپر و خلفها أهل عبير.. إخوتها و والدها و أمها تبكي و تولول على فقيدتها و وحيدتها.. فعلم الجميع انها تحمل جثمان عبير.
كاد إخوة عبير ان ينزلوا جثمانها من السيارة لولا توقفهم على صوت عاصم و هو يسألهم...
عاصم إيه يا ابو خالد.. خير عاتعملو إيه اهنه السعادي! إيه اللي چايبكم دلوجت.. چايين تعزونا اياك!!
حامد البجية في حياتك يا ولدي.. بس احنا كمان عندنا مېت و چايين ندفنوه.. چايين ندفنو بتنا.
عاصم عندناش ترب ليكم.
خالدبعصبية يعني إيه الحديت اللي عاتجوله ده.. 
عاصمبصوت زلزل أركان البلدة بالكامل يعني عندناش مجابر ليكم.. جتة بتكم ماهاتندفنش اهنه..
حامد يعني إيه الحديت ده.. دي مجابر عيلة المنياوية.. لينا فيها كيف ما ليكم.
عاصم لا مالكوش.. و مش هاتدفنوها اهنه.. اللي جاتلة ولدي ماهتندفنش چاره.. مش هاتنام چاره ولا ليله واحدة ولا ساعة واحدة حتى.
ماهتتهناش بليلة واحدة مرتاحة چاره.. خدوها و ادفنوها في اي داهية غير اهنه.. ياللا.
حامدپغضب حديتك ده تروح فيه رجاب يا عاصم.. 
عاصمبنبرة جليدية مرعبة ما هاتروح فيه رجاب يا حاچ حامد.. و خليك متوكد من اكده.
حامد جصدك إيه
عاصم جصدي هاتعرفه بعدين.. و دلوجت تاخدو رمة بتكم و تودوها في اي داهية تاني الا هنا.
حامد اجصر الشړ يا عاصم و خلينا ندفنو ميتنا و نروحو لحالنا.. ماتجول حاچة يا عمدة ولا عشان ولدك هاتسكتله على اللي عايعمله ده..
إيه مافيش خاطر حتى لحرمة المېت.
عاصم لا مافيش.. رصيد بتك عندي زاد لحد ما طفح كيله.. و ختمتها بإنها جتلت ولدي..
علت همهمات جميع الواقفين بتأكيد تلك الإشاعة و التي مفادها ان عبير قټلت إبن عاصم طليقها إنتقاما منه.
حامد ما تجول حاچة يا عمدة ولا هاتسيب ولدك يطيح فينا كلياتنا كبير و صغير إكده.
لم يطلب حامد رأي أخيه لكي يحتكم اليه كقاضي عادل كما إعتاده الجميع و لكن كي يوقعه مع أهل البلد عندما يقف مع ولده ضد إحترام ډفن المېت.
عبد الرحمن اللي يجوله ولدي يمشي على رجبة الكل.. من كبيرهم لصغيرهم.
حامدمستفزا لمشاعر أخيه و ولده و لمشاعر أهل البلد أيضا إيه الكبر ده كله ليه يعني دة كله.. ايوة صح.. ماهو ابن العمدة بجى عاد.
عبد الرحمنپغضب عارم لحد اهنه و كفاية يا حامد.. كل البلد تعلم اني ماعنديش لا خيار ولا فجوس.. 
عمري ما بديت ولدي على حد إلا في الحج... ولا إيه يا رچالة.
علت أصوات رجال القرية بتأيدهم لحديث عمدتهم و الذي يضرب به المثل في العدل و عدم التمييز سوى بالحق مما أرعب حامد خاصة عندما سمع صوت عاصم المخيف...
عاصم ها يا حاچ حامد.. جولك إيه في اللي سمعته.
حامدپخوف من ثورة أهل القرية ضده طيب.. طيب يا عاصم دة حتى إكرام المېت دفنه.. ولا إيه يا حاچ عبد الرحمن.. يا كبيرنا.. يا عمدة بلدنا.. هو ده العدل اللي بتحكم بيه يا عمدة
عبد الرحمن ايوة هو ده العدل.. بتك جتلت واد ولدي اللي كلياتنا اتمنناه سنين.. و لو كانت فضلت عايشة كان عجابها هايبجى عسير معايا اني غير اي حد ولا حتى مخ عاصم كان هايچيب اللي كنت عافكر اني فيه.
بس جضا ربنا بجى عاد.. كان أسرع مني و اخدها جبل ما انفذ فيها حكمي.
حامدپصدمة و هو يرى أخيه و لأول مرة بالك العصبية و الڠضب عاتجول إيه يا حاچ.. عاتاخد تارك من مرة.. بس على جولتلك ربنا اخدها و ريحها و ريحكم انتو كمان.
عاصم مين جال اننا ارتاحنا.. اني لسة تاري ماخلصش.. لسة ڼاري مابردتش.. و جريب جوي هاتعرفو عاصم اللي ماحدش شافه جبل سابج..
و دلوجت ياللا.. ياللا من اهنه... خدو بتكم ادفنوها مطرح ما ټدفنوها المهم مش هنا.. ياللا.
حامد لا بجى.. دة انت الزوج مانفعش معاك.
.. فعاصم لن ېخاف من حامد أبدا لأنه يعلم كم

هو ضعيف الشخصية.. و أيضا لن يرجع عن حديثه لخوفه من مجرد رصاصة..
فتقدم خطوة و وقف أمامه و دفع المسډس الذي بيده بصدره و نظر له بتحد و قوة..
عاصم ايوة اني ماعاينفعش معايا الزوج.. و اديني اهو واجف جدامك.. و حتى مش عاجولك انت عاتعمل إيه.. و وريني انت تجدر تعمل إيه
طخني لو تجدر.. اجتلني
تم نسخ الرابط