دوائي الضرير

موقع أيام نيوز

سارة ما قد يدمر زواجها و يعبر عاصم أخيرا عن مشاعره التي كبتها طوال المدة الماضية و لكي يتركهما كي ينقذا زواجهما بأيديهم...
صبري ياللا يا جماعة.. أحنا وجودنا هنا مالهوش لازمة دلوقتي.
سعاد بدموع ازاي بس.. هانسيبهم كدة و نمشي.
صبري هما دلوقتي مش محتاجين حد غير بعض... وجودنا مش هايساعدهم بالعكس هايضرهم.
ياللا يا جماعة لو سمحتو.
جميل دكتور صبري معاه حق.. هما دلوقتي مش محتاجين حد معاهم.
عبد الرحمن و اني كمان شايف اكده.. ياللا يا چماعة..
و بالفعل إنسحب الجميع و تركاهما في تلك اللحظة الفارقة في حياتهما...
ربنا يهديكم انتو الاتنين..
الفصل الثامن و الأربعون
تركهما الجميع و خرجوا إلى سياراتهم و بدأ صبري بالحديث....
صبري ياللا يا جماعة ياريت كلنا نسيبهم خالص لوحدهم اليومين دول.
سعاد ياااه... يومين بحالهم!! كتير يا دكتور صبري.. ماقدرش اسيب بنتي في الحالة دي غير لما اطمن عليها.
صبري مش كتير صدقيني يا مدام سعاد... دي فرصتهم الأخيرة عشان يرجعو لبعض.. لو اتدخلنا بينهم جايز اوي مانقدرش نساعدهم.. و بعدين بنتك مع جوزها.
ثم أكمل بنبرة معاتبة ذات معنى خاصة بعد أن علم بهجومها على عاصم و هو ضحېة كسارة بالضبط...
صبري جوزها اللي بيحبها و بېموت فيها.. ولا إيه رأيكو ياريت نديهم الفرصة دي لأنهم بجد محتاجين لها.. عشانهم هما اولا.
عبد الرحمن معاك حج يا صبري.. خلونا نسيبهم وحديهم يحلو مشاكلهم و يعدو اللي حصل مع بعضيهم.
آسر طيب ياللا أحنا دلوقتي و بعدين نبقى نطمن عليهم بالتلفون على الاقل.. ياللا يا عمي ياللا يا ام عاصم اركبو معانا.
صبري لا الحاج عبد الرحمن و الحاجة هنية هايجو معانا أحنا.
هدى لا طبعا.. بابا و ماما هايجو معانا أحنا.. انا مش هاسيبهم يباتو بعيد عني طول ما هم هنا في مصر.
صبري إيه يا هدى هما هايباتو عند حد غريب.. دي اختي و جوزها.
هدى لا طبعا يا خالو مش قصدي.. بس هي كلها يومين و يسافرو و انا كنت عايزة اشبع منهم.. و كمان هما أكيد عايزين يقعدو مع زياد اكتر وقت.. ولا إيه يا بابا!!
عبد الرحمن ايوة يا ستي عايزين طبعا.. معلش بجى يا صبري.. زياد يكسب.
صبري عرفتي تجيبيهم يعني.. ماشي يا سي زياد هاسيبهوملك المرة دي بس.
و إفترق الجميع كل إلى منزله على إتفاق ألا يخالف أحدهم أوامر صبري...
أما عاصم و سارة...
فقد كانا على حالهما لم يحركا ساكن.. 
فقد كان هو متشبثا بها بقوة غريبة و كأن أحدا سوف يخطفها منه و يقوم هو بحمايتها من براثن ذئب قاټل مفترس.. أو كأنها كنزه الثمين الذي يحميه من أيادي قرصانا لعين و أعضاء عصابة سفينته الملعۏنة.. 
أو أنه فقط ېخاف فقدانها.
و لكن في كل الأحوال قد كان يحتضنها بتملك و بقوة طاغية.. و لم تجف دموعه و لم يهدأ بكائه..
أما هي فقد كانت رأسه المستند بها فوق صدرها بحنان طاغي لم تعي أن يدها قد امتدت لكي تملس على شعره بحب و حنان دون تكلف.
و لكنها أدركت أنها تحتاج له اكثر مما هو يحتاج إليها.
توقف صوت بكائه و لكن دموعه لم تتوقف كحالها هي التي لم تجف سيول دموعها و التي لم تعي وجودها من الأصل...
فاق من حالته تلك و هو يدرك وضعهما فقد كانت تجلس على ساقيه منذ أن خطڤها عنوة و شعر بيدها رأسه و تربت على شعره بحنان شعر به بوفرة.
رفع رأسه من و نظر لعيونها و رأى الدموع تتسابق دون هوادة على وجنتيها.. فرفع يديه ليمسح دموعها و لكنه لم يقدر فقد كان كلما يمسح وجنتيها ينساب غيرهم فوق وجهها..
و بادلته هي نفس ما فعل و لكنه تماسك فقط خوفا عليها.. فقال بصوت متحشرج من كثرة ما مر به معها...
عاصم مش كفاية دموع بقى.
رفعت يدها هي الأخرى لتمسح أثار الدموع من وجهه..
سارة و انت كمان.. مش كفاية دموع.
عاصم ڠصب عني.. صدقيني كان ڠصب عني.. كانت زي القنبلة اللي بتهدد بالانفجار في اي وقت.. و حقيقي ماقدرتش امنعها.. بس انتي برضه معاكي حق.. كفاية.
نظر حوله فلم يجد أحدا ممن كانوا موجودين فسألها....
عاصم هما الجماعة راحو فين
سارة بحثت أيضا معه مش عارفة.. شكلهم مشيو.
عاصم بإستفهام و أمل و انتي.. مامشيتيش معاهم!!
سارة هما مروحين بيتهم.. لكن انا هاروح فين.. انا بيتي هنا.
إبتسم تلقائيا عندما فهم معنى حديثها و أنها لن تتركه.. فقال بتلعثم طفيف من فرط سعادته..
عاصم طيب.. طيب مش تقومي عشان ترتاحي شوية.
سارة إيه... تقيلة على رجليك
عاصم تؤ.. انا ممكن أشيلك عمري كله من غير تعب ولا كلل.. على قلبي زي العسل.. بس انا عارف اني تعبتك معايا

النهاردة و أكيد زمانك محتاجة ترتاحي.
سارة بخجل ما انا.. انا كمان تعبتك كتير.. و عمرك ما قولتلي تعبت.. غير النهاردة.
عاصم بندم ماكنش قصد انا...
سارة قاطعته بان وضعت يدها على ماتكملش.. انا عارفة و فاهمة.. ياللا نطلع نرتاح شوية.
وقفت و وقف معها و زادت سعادته عندما بادرت هي و أمسكت بيده فابتسم لها بحب و دفء و توجها معا للطابق الثاني.
وقف هو في مفترق الطرق بين غرفتهما معا و تردد قليلا فيما يجب ان يفعل.. هل يدخل معها ام يتركها كما في السابق.. و قرر أن يكمل سلسلة تضحياته و ألا يستغل لحظة ضعفه و بكائه كورقة ضغط عليها.. و قبل ان يتجه إلى غرفته سألته هي ...
سارة رايح فين
عاصم هاسيبك ترتاحي و هاروح انام انا كمان.
سارة طيب و انت.. قصدي يعني ان هدومك هنا في الاوضة من ساعة ما هدى كانت هنا ولا ايه.. ولا هاتنام ببدلتك دي يعني
عاصم هاخلي مدام خير تجيبلي هدومي.
سارة بسرعة و خوف ظهر في صوتها دلوقتي!
نظر لها باستفهام فأكملت بخجل و تردد ...
سارة قصدي يعني الوقت متأخر و مافيش داعي نتعبها بالليل كدة.
عاصم معاكي حق.. خلاص مش مشكلة.. هاخد بيچامة و اغير قبل ما انام.
سارة طيب.. طيب انت هاتنام على طول.. اصل انا بصراحة مش جابلي نوم.. انت هاتنام!! خليك معايا يا عاصم.. خليك شوية كمان.. و انا اوعدك اني عمري ما هاسيبك تاني و انام...
كتم فرحته الغير مؤكدة و سألها بأمل يريد ان يكون صادقا..
عاصم يعني إيه.. قصدك ايه
صمتت لوهلة قصيرة ثم قالت بدون خوف..
سارة يعني دي اوضتك.. ماينفعش تسيبها و تنام في مكان غير مكانك.
عاصم بتردد و انتي هاتنامي فين
سارة هنا برضه.. بيتهيألي ان اوضة جوزي تبقى اوضتي برضه.. صح
عاصم تنهد بأمل صح..
سارة و كمان.. شكلك محتاج حمام دافي عشان تعرف تنام.
لم ينطق بكلمة واحدة.. لم تترك هي يده و دخل خلفها بصمت إلى الغرفة.. وقفت أمامه دقيقتين كان الصمت سيدهما.. و لكنها علمت ان تلك هي فرصتهما للعودة و هي لن تضيعها ابدا .
ثم قالت بتهرب...
سارة هاحضرلك الحمام.
و لكنه أمسك كف يدها يمنعها من الهروب و قال بدوره...
عاصم سارة..
سارة و لم تنظر له نعم.. عايز حاجة
عاصم عدل من وضعيتها ليرى وجهها بتهربي مني ليه
سارة بتوتر من إفتضاح أمرها أمامه مش.. مش بهرب.. بس هاجهزلك الحمام.
عاصم مش عايز حمام.. انا عايزك انتي.
سارة بتلعثم عاصم انا بس...
عاصم مالك.. في ايه
سارة مافيش حاجة..
عاصم لا في.. أكيد في.
سارة ليه بتقول كدة.
عاصم عشان مش بتبصيلي.. ليه بتخبي عيونك مني
سارة لا عادي بس اصل...
لم تكمل ليصر هو على سؤاله....
عاصم مش بتبصيلي ليه يا سارة.. بصيلي..
لم تفعل فلمس هو ذقنها و رفع وجهها لتنظر إلى عينيه مجبرة.. إلتهم هو عينيها و معالم وجهها بشوق لم يشعرها سوى بأنها ظالمة.. أنانية مما زاد تأنيبها لنفسها. 
و ما أن نظرت هي لعينه حتى ذرفت دموعها دون وعي ثم خصره و ظلت تبكي و تبكي و هي تردد كلمة واحدة..
سارة أنا اسفة.. اسفة.. اسفة اوي..
و ما كان منه سوى أنه أطلق ذراعيه عليها يحتضنها و يهدهدها دون حديث.
تركها تفرغ ما بداخلها تماما و لم يعترض و لم يحاول أن يسكتها... تركها حتى هدأ بكائها تدريجيا..
ثم سألها...
عاصم أحسن هديتي خلاص
رفعت رأسها من صدره و لم تنظر لعينيه أيضا و لكنها هزت رأسها بإيجاب..
فرفع هو رأسها له ليقابل عينيها مرة أخرى و لكنه سألها..
عاصم ليه العياط دة كله.. ممكن اعرف.
سارة عشان بحبك.. صدقني انا بحبك اوي يا عاصم.. انت عارف دة كويس صح
عاصم ابتسم لتصريحها الواضح عارف طبعا.. بس هو حبك ليا يخليكي ټعيطي كدة برضه.
سارة تراجعت بسرعة لا انا اصلي...
عاصم انتي ايه.. بټعيطي ليه!!
سارة عشان.. عشان مافهمتكش.. عشان اتهمتك انك.. انك أناني في الوقت اللي

كنت أكتر واحد بتضحي عشاني.. عشان ماحستش بيك و ماقمتش بواجبي ناحيتك زي ما انت عملت معايا.
انا مش عارفة انا ازاي عملت كدة.. ازاي نسيت انه ابنك انت كمان.. ازاي ماحستش بيك و انت كنت بتعمل كل حاجة عشاني و عشان تخفف عني ۏجعي من اللي حصل.
انا اسفة يا عاصم.. اسفة اني قفلت على نفسي بعيد عنك و كنت فاكرة اني بكدة بكون بشفي چرحي و بخف حزني.. بس اتضح لي ان دوايا معاك انت.. في ايدك انت.. في قربك و في انت يا عاصم.
عاصم.. ارجوك سامحني.. انا بحبك والله العظيم بحبك.. عشان خاطري سامحني و ماتزعلش مني.
عاصم عمري ما زعلت منك ولا عمري هازعل منك مهما حصل.. انا كمان عايز اعتذرلك اني خبيت عليكي موضوع عبير.
بس والله من خۏفي عليكي.. خفت تتعبي او ټنهاري.. صدقيني كنت هاقولك بس انتي من ساعة اللي حصل و انتي حالتك كل يوم من سيء لأسوء..
ماكنتش عارف اعمل إيه.. قررت اني ماقولكيش غير لما تبقي كويسة.. ماكنتش عايزك تعرفي غير و انتي هنا و أشار ناحية قلبه في و جنب قلبي عشان يطمنك..
سارة انا اسفة.
ثم انكمشت ملامحها بضعف و بدأت دموع الندم في التسابق على وجهها مرة أخرى و طالت نظرات الشوق بينهما فقام هو بعد لحظات بمسح لآلئ دموعهاثم انتقل بهما لجميع أنحاء وجهها...
وجنتيها.. جبهتها.. أنفها.. ثم إنتهى.
فقد إشتاقهما حد المۏت.. لم يشعر بالوقت الذي مر . و لكنه إبتعد أخيرا رغما عنه و نظر لعينيها و قال بصدق....
عاصم وحشتيني.. وحشتيني اوي يا سارة.
سارة اوي.

رفعها و لم يتحدث أحدهما ثانية.. و إنتهت ليلتهما بوعود كثيرة من أهمها ألا يترك أحدهما الأخر مهما كانت الأسباب.
و في صباح اليوم التالي..
إستيقظت سارة أولا لتجد نفسها بين ذراعيه.. فقد غابت عنه كثيرا.. نظرت لملامح وجهه النائم و لم تستطع سوى أن ترفع أناملها..
لم تعلم انها كانت تفتقده بهذا القدر إلا بعد أن ڠرقت

تم نسخ الرابط