دوائي الضرير
المحتويات
تجبرني اعمل اللي انت عايزه.
عاصمو زادت صډمته و دهشته اجبرك انا اجبرتك يا سارة
سارةإبتعدت عنه لبضع خطوات امال بتسمي اصرارك دة ايه عايزني استحمى بالعافية و اكل بالعافية و اخرج بالعافية..
حتى لما طلبت منك تسيبني انام لوحدي مارضيتش و صحيت لقيتك نايم جنبي برضه بالعافية.. ارحمني بقى يا شيخ حرام عليك.
نبرتها العالية الغاضبة التي يسمعها منها لأول مرة و عيونها الباكية و التي تنظر له بتحد ملحوظ و ڠضب كبير شطروا قلبه لنصفين.. نصف يريد إحتضانها و التهوين عليها و نصف مجروح لطريقتها الچارحة...
عاصم لا يا سارة مش بالعافية.. عمري ما غصبتك على حاجة و عمري ما هاعملها لا دلوقتي ولا بعدين.. انا بس قلقان عليكي و خاېف على صحتك.
سارةبنفس ڠضبها يا سيدي متشكرين لاهتمامك.. ممكن بقى تسيبني في حالي
عاصم حاضر يا سارة.. هاسيبك براحتك.. انا هاروح الشركة طالما ماليش لازمة معاكي و وجودي معاكي بقى يضايقك اوي كدة.. عن إذنك.
ليست مستعدة لتلقي حبه ولا لمبادلته إياه.. فلم تستطع تحمل إسلوبه العطوف أكثر من ذلك.. لم تشعر بالندم بل انها ألقت كل اللوم عليه هو في أنه لم يدع لها الفرصة الكاملة لتحزن كما تريد..
أخذ حماما باردا يبرد من حرارة حزنه و إرتدى ملابسه التي كانت عبارة عن بدلة أنيقة و خرج من غرفته.. وقف قليلا أمام بابها و قد منع نفسه بصعوبة عن طرقه حتى لا يضايقها و نزل إلى الأسفل لتقابله مديرة المنزل..
سيدة في عقدها الخامس تعمل في المنزل منذ سنوات دراسة عاصم بالقاهرة و بعده دراسة هدى..
أنيقة الملبس بشوشة الوجه.. ذو عقل حكيم.. فألقت التحية على عاصم أولا..
سهير صباح الخير يا استاذ عاصم.
عاصم صباح الخير.. مدام سهير انا خارج رايح الشركة و هارجع على الغدا.. معلش ياريت تبقي تجهزي فطار للهانم و تطلعهولها فوق.
عاصم لا هي فطارها بيبقى حاجة خفيفة اوي.. يعني ممكن جبنة و مربى مع توست.. و ممكن تعمليلها نسكافيه بلبن.
سهير حاضر.. طيب و انت مش هاتاكل حاجة
عاصم لا انا ماليش نفس.. هابقى اخد القهوة في المكتب.
سهير ليه يابني بس.. دة انتو ماكلتوش حاجة من امبارح.. و بعدين شركة إيه اللي انت رايحها دلوقتي..
عاصم معلش خليها عشان ترتاح براحتها و انا هارجع على الغدا.. بس عشان ورايا حاجات مهمة.. بس معلش هاتعبك تحاولي تخليها تاكل اي حاجة عشان العلاج بتاعها.
سهير حاضر يابني.
عاصم سلام.
سهير مع السلامة يابني.
تركها و رحل لشركته و قد قابله جميع الموظفين بالتعازي و لكنه لم يرد على أحدا منهم.. فقد كانت تعزياتهم تذبحه بقسۏة.. فبدلا من تلقيه تهاني وصول مولوده بالسلامة يتلقى العزاء فيه...
دخل إلى مكتبه و خلفه چيلان سكرتيرته.. جلس على مكتبه بإرهاق فسألته هي...
چيلان البقية في حياتك يا مستر عاصم.
عاصمو هو يفرك عينيه بتعب حياتك الباقية يا چيلان.. عندنا حاجة النهاردة
چيلان لا.. هو أحنا كل الشغل متظبط مع مستر ماهر زي ما متعودين.. أصل أحنا ماكنتش عارفين ان حضرتك هاتيجي النهاردة.
عاصم طيب كويس.. انا أصلا مافيهاش دماغ للشغل.. خلي حد يعملي فنجان قهوة على الريحة.
چيلان حالا يافندم..
كادت ان تخرج و لكنها عادت لتسأله...
چيلان مستر عاصم.. هو حضرتك كويس
عاصم تفتكري واحد في حالتي دي هايبقى كويس إزاي
چيلان أكيد لا.. بس صدقني ربنا دايما ليه حكمة في كل حاجة بيعملهالنا.
عاصم نفسي اصدق الكلام.. زمان كنت مصدقه و مؤمن بيه.. لكن اللي حصل المرة دي مالوش عندي اي تفسير.. كلام حلو لكن مش حاسس بيه ابدا.. بل بالعكس واجعني اوي.
چيلان دة مش كلام يافندم صدقني.. دي حقيقة.
عاصم و ياترى إيه هي حكمة ربنا في ان ابني اللي اتمنيته من الدنيا و مستنيه من سنين ېموت قدام عنيا من غير حتى ما اشيله بين ايديا.. من غير ما اسمع ضحكته.
چيلان مش عارفة.
ضحك بسخرية و لكنها أكملت على الرغم من ذلك...
چيلان من غير تريقة بس.. يمكن مانعرفش الحكمة دي حالا.. بس مع الوقت هاتبان.. بس ادي الموضوع شوية
وقت.
عاصم إيه الحكم دي.. ماكنتش فاكرك عاقلة اوي كدة.
چيلان لا دة انا عاقلة اوي بس مايبانش عليا.. و على فكرة كمان انا كنت عايزة اعتذر لحضرتك عن تصرفاتي قبل كدة..
عارفة انها كانت مچنونة و مش متزنة اوي يعني.
عاصم معلش حصل خير.. و ماتخافيش انا مش زعلان.
چيلان تمام.. عن إذنك..
عاصم اتفضلي.
خرجت لعملها و تركته لتفكيره الذي يحاول ان يستخرج الجيد من كل السوء الذي حدث له..
إستقر الجميع في ذلك الوضع الجديد بوجود عاصم و سارة بالقاهرة و إستقرارهما بالمنزل هناك.. خاصة سعاد و التي كانت تشتاق إبنتها كثيرا أثناء وجودها بسوهاج بعيدا عنها.. أما الأن فقد أصبحت بجوارها لا يفصل بينهما سوى مدة 20 دقيقة بالسيارة.
فكانت تزورها بشكل يومي حتى تطمئن عليها.. و لم تخلو زيارتها من بعض الحديث اللازع لعاصم و تحميله مسؤولية و عبء ما حدث.. و كان هو يتجاهلها إما حتى لا يلفت نظر سارة لما يحدث و لتلك المعاملة الجديدة له.
أو لأن شيئا بداخله يقدر كونها أم و كونها حزينة لما حل بإبنتها...
و في إحدى المرات كان جميل يوصل سعاد إلى منزل سارة كعادته و نزل حتى يلقي تحية الصباح عليها كعادته كل يوم...
جميل صباح الخير يا مدام سهير.
سهير صباح الخير يافندم..
سعاد هي سارة فين اومال.. لسة نايمة ولا ايه
سهير لا مش نايمة.. ثواني ابلغها بوصولكم.. اتفضلو.
دخلا إلى بهو المنزل ليجدا عاصم على غير العادة.. فقد كانت زيارتهما دائما بعد موعد خروج عاصم إلى عمله.
فتفاجئ كليهما...
جميل إيه دة عاصم بنفسه في استقبالنا.. دة أحنا حظنا حلو بقى عشان نقابلك..
عاصم دة انا اللي حظي احلى.. ازيك يا عمي
جميل الحمد لله يابني.
عاصملسعاد ازيك يا مدام سعاد
سعادبلا نفس اهلا.
تنهد هو بيأس من عدم تغيير طريقتها معه و التي تجعل سارة تسأله كثيرا عن سر ذلك التغيير و يبقى هو بلا رد مقنع مما أثار شكوكها..
و لكن جميل هو من أنهى تلك المعركة من الحړب الباردة التي اندلعت بين عاصم و سعاد و لا يبدو أنها سوف تنتهي قريبا.. فسأل عن سارة....
جميل اومال سارة فين.. و انت ماروحتش شغلك لحد دلوقتي ليه
عاصم مافيش انا اصلي صحيت الصبح لقيت سارة تعبانة شوية فماقدرتش اسيبها و أخرج.
فزع كليهما على إبنتيهما و سألته پخوف..
سعاد يا حبيبتي يا بنتي.. مالها سارة.. اتكلم.. انطق.
عاصم تعبت شوية الصبح لكن هي كويسة دلوقتي..
جميل و كان مالها الصبح.
عاصم صحيت لقيتها سخنة و كانت تعبانة شوية.
سعاد بنتي.
صړخت سعاد و ركضت إلى غرفة إبنتها بقلق و خلفها جميل و عاصم و دخل جميهم على سارة ليجدونها مستلقية على الفراش و يظهر عليها التعب الشديد....
سعاد بنتي يا حبيبتي.. مالك يا قلب ماما فيكي ايه
استيقظت سارة لتجد والديها بجوارها فإبتسمت بتعب و قالت...
سارة ماما.. حبيبتي.
جميل سارة.. مالك يابنتي إيه اللي تاعبك
سارة مافيش يا بابا ماتقلقش.. انا بس نسيت باب البلكونة مفتوح امبارح و الدنيا كانت هوا اوي فأخدت برد..
جميل جبتلها دكتور يا عاصم
عاصم طبعا يا عمي.. و لسة ماشي من شوية.
سعاد و قال ايه
عاصم زي ما قالت.. اخدت برد من البلكونة.
سعاد و انت ازاي تنام و تسيب البلكونة مفتوحة و انت عارف انها بتتعب من الهوا الشديد.. ها ماتنطق.. اتكلم.
لم يجيبها و صمت رغم نبرة الإتهام التي تغلف صوتها.. و لم تريد سارة ان يعلم أحدا بما يدور بينهما و خاڤت بشدة أن يقول عاصم انه ينام بغرفة أخرى و لكنه لم يفصح عن ذلك..
و لكنه عندما دخل إلى غرفتها كمل ليلة لكي يطمئن عليها دوم ان تشعر وحدة حرارتها عالية للغاية..
عاصم أصل سارة بتنام بدري.. و انا سهرت شوية عشان كان عندي شغل.. و عبال ما طلعت لقيتها تعبانة..
هاسيبكم براحتكم و اروح اخليهم يعملو لكم حاجة تشربوها و كمان يجهزو الفطار لسارة.. ولا انتو لسة مافطرتوش و نفطر مع بعض احسن.
جميل لا يا ابني أحنا فطرنا من بدري.
عاصم طيب عن إذنكم.
تركهم و خرج تحت نظارت الجميع و التي كانت متنوعة ما بين سخط سعاد و عتاب جميل لها و تعجب سارة..
جميل هو انتي مافيش فايدة فيكي ابدا.. مش هاتبطلي طريقتك دي أبدا..
سعاد و هو انا كنت قولت إيه.. هو ازاي أصلا يسيبها تطلع تنام لوحدها.. اهي تعبت اهي و هو ولا هامه.. اهم حاجة شغله و بس.
جميل يا شيخة حرام عليكي.. اتقي الله بقى.
سارة ليه يا ماما بتقولي كدة.. دة عاصم فضل صاحي جنبي يعملي كمادات لحد الدكتور ما وصل و بعد ما مشي كمان.
دة جابلي 2 دكاترة من بالليل لحد الصبح.
جميل ازاي دة.. دة بيقول ان الدكتور لسة ماشي.
سارة دة تاني واحد... جابلي واحد بالليل و لما ماحسش اني اتحسنت جابلي التاني.
سعاد و ماكلمناش ليه عشان نيجي نشوفك.. إيه كان عايز يخبي علينا ولا إيه.
سارة يخبي عليكي إيه بس يا ماما..
هو بصراحة قالي لو عايزاه يكلمكم بس انا رفضت.. مارضيتش اخليه يزعجكم و يتعبكم.
جميل يتعبنا إيه بس يا بنتي و يزعجنا إيه.. هو احنا لينا أغلى منك عشان نتعبله.
سارة ربنا يخليكو ليا يا بابا.
جميل طيب انا بقى مضطر اسيبكم و اروح الجامعة عشان عندي امتحان مهم جدا.. بس تعملي حسابك هارجع على هنا عشان اطمن عليكي و نتغدا مع بعض.
سارة بس كدة يا بابا.. دة انت تنور.
جميل و طبعا ماما قاعدة معاكي باقي اليوم.
سعاد ايوة طبعا.. انا مش هاسيبها النهاردة خالص.
تركهما و رحل لتسأل سارة والدتها بتعجب..
سارة مالك يا ماما.. بقيتي ناشفة ليه في كلامك مع عاصم كدة هو حصل منه حاجة ضايقتك
سعادبتردد لا.. لا يا حبيبتي ليه بتقولي كدة
سارة اصلي ملاحظة انكم بقيتو تتكلمو بطريقة غريبة مع بعض.. و دايما حاسة بتحفذ و حساسية بينكم..
سعاد لا يا سارة لا.. مافيش حاجة من دي.. انتي بس بيتهيألك.. انا هاروح اجيبلك الفطار.
هربت و تركتها في حيرتها التي لم تقل و نزلت للأسفل لتجد عاصم يقف
متابعة القراءة