امراءة العقاپ بقلم ندى محمود
نحو المكتب وبدأت تبحث بالإدراج عن الورقة الناقصة حتى عثرت عليها رفعتها وأخذتها فظهرت أسفلها مجموعة صور مستطيلة ومتوسطة الحجم تجمعه بجلنا
تأججت نيران الغيرة في صدرها واحمرت عيناها من فرط الغيظ والڠضب .. لا تذكر أن هناك صورا تجمعها به إلا قليلا فكان بكل مرة يخبرها أنه يشعر بالاختناق قليلا من كثرة الصورة وإذا تمكنت وأخذت معه صورة تكون بعد معاناة لكن مع جلنار الصور جميلة جدا ولا تسبب له الخنق ! .
القت بالصور في عڼف بالدرج ثم جذبت الورقة واندفعت إلى خارج المكتب وهي تشتعل غيظا وغيرة عادت إلى غرفة الاجتماعات ودخلت ثم وضعت الورقة أمامه بقوة وجلست .. رمقها بحيرة من تحولها الغريب ووجهها الذي أصبح لونه أحمرا من فرط الغيظ فسألها بخفوت
ردت عليه باقتضاب دون أن تنظر في وجهه
_ ولا شيء
_ طيب في حد ضايقك أو قالك حاجة !
بهذه اللحظة نظرت له وهتفت شبه صائحة پغضب هادر
_ I said nothing قلت لا يوجد شيء
ممكن نركز على الشغل قبل الاجتماع ما يبدأ
ازاح الأوراق من أمامه بعدم اكتراث وقال باهتمام وهو يثبت كامل تركيزه عليها
_ ملعۏن أبو الشغل كله ياروحي .. قولي يلا عشان طالما اتعصبتي كدا يبقى أنا اللي عصبتك
رمقته بنظرة جانبية في قرف بينما هو فظل يتطلع إليها بنفس النظرة منتظرا منها أن تبدأ بالحديث فتأففت هي بعصبية وحنق لتهتف في غيرة ملحوظة في نظرتها ونبرتها
ضيق عيناه باستغراب .. من ڠضبها وسؤالها الغريب !! ليرد عليها يؤكد سؤالها ولا تزال علامات الاستفهام تعلو وجهه
_ لأني فعلا مبحبش أتصور كتير وإنتي عارفة ده .. بس برضوا مش فاهم إيه اللي معصبك في كدا !!
صاحت به في انفعال شديد وزمجرة
_ كذاب ياحاتم مشان .........
توقفت عن الكلام عندما اقتحم الغرفة أحد الموظفين بسبب حلول وقت الاجتماع .. انحنى حاتم عليها وهمس بالقرب من أذنها بجدية بعدما رأى انفعالها الحقيقي
_ هنكمل كلامنا بعدين ونشوف الموضوع اللي مضايقك أوي ده ومخليكي تقولي عني كذاب !
عودة إلى القاهرة ......
وأخيرا بعد مرور ساعات من الانتظار خرج الطبيب من غرفة العمليات كان أول من هرول إليه هو آدم وتبعته أسمهان بينما جلنار فظلت واقفة في الخلف تستمع للطبيب وهو يقول بأسف
_ احنا عملنا اللي علينا والعملية نجحت الحمدلله بس حالته مازالت غير مستقرة وخطړة ولازم هيفضل تحت المراقبة خلال 48 ساعة الجايين وهيدخل العناية المشددة .. ادعوله هو محتاج دعواتكم دلوقتي
_ ادعيله ياماما وإن شاء الله ربنا هيقومه بالسلامة .. أنا واثق
خرج صوت أسمهان غير واضح من فرط البكاء وهي ټدفن وجهها بين ثنايا صدر آدم
_ آه يابني ياحبيبي .. عدنان
انسحبت جلنار بهدوء من بينهم عندما شعرت بأنها ستفقد التحكم بزمام نفسها التي تجبرها على البقاء صامدة منذ ساعات سارت باتجاه الحمام وهي شاردة الذهن تسير مسلوبة العقل لا ترى شيء ولا تسمع شيء فقط ترى صورته أمام عيناها .
عادت من الحمام بعد دقائق طويلة ووقفت في أحد أركان المستشفى بصمت تام لمدة نصف ساعة أو أكثر ..
حتى وجدت قدماها تقودها دون أن تشعر نحو غرفة العناية المشددة .
وقفت أمام زجاج الغرفة الذي يعكس الغرفة بأكملها من الداخل رأته متسطح على فراش يناسب طوله وعرضه ووجهه به بعض الچروح الذي تخفيها اللاصقات الطبية وهناك جهاز صغير يقفل على أصبعه متصل بجهاز نبضات القلب وكانت تقف بجواره إحدى الممرضات تتابع حالته وتضع المحلول .. فظلت هي تتابعه بعينان شاردة ومنطفئة حتى فشلت أخيرا بعد ساعات من محاولاتها لمنع دموعها من السقوط .. انهمرت أخيرا دموعها على وجنتيها بصمت وهي تتطلع إليه في أسى ....
......... نهاية الفصل .........
_ الفصل السادس عشر _
ظلت هي تتابعه بعينان شاردة ومنطفئة حتى فشلت أخيرا بعد ساعات من محاولاتها لمنع دموعها من السقوط .. انهمرت أخيرا دموعها على وجنتيها بصمت وهي تتطلع إليه في أسى .. ظلت تحدق به من خلف الزجاج في ثبات مزيف وعيناها تنهمر منها الدموع بصمت تام .. قلبها يؤلمها حين تعصف بذهنها أفكار سيئة حول سوء حالته الصحية وهمسة خاڤتة خرجت منها بأعين بائسة ومتوسلة
_ أنا طلبت منك تسيبني .. بس مش دي الطريقة اللي تسيبني بيها .. هنا محتجاك يا عدنان قوم
أتاها صوت آدم الخاڤت من خلفها وهو يقول
_ جلنار !
رفعت أناملها وجففت دموعها بسرعة ثم التفتت له بجسدها كاملا وردت
_ نعم
آدم برزانة
_ إنتي تعبتي عم حامد مستني برا .. روحي البيت وأنا موجود هنا وهبلغلك بأي تطورات متقلقيش
التفتت برأسها نحو عدنان وهتفت رافضة وهي تهز رأسها بالنفي
_ لا أنا هفضل موجودة لغاية ما يفوق
آدم متنهدا بعدم حيلة
_ وجودك مش هيفيد بحاجة والله صدقيني .. ريحي في البيت وتعالي بكرا الصبح
جلنار بإصرار
_ قولتلك مش همشي يا آدم
_ جلنار بلاش عناد .. اسمعي الكلام حتى ماما وفريدة هيروحوا البيت وإنتي كمان لازم تمشي عشان هنا مينفعش تسبيها وحدها
عندما نطق باسم هنا .. لان اصرارها قليلا والتفتت بنظرها تحدق بعدنان في تمعن قبل أن تعود بنظرها لآدم وتقول بعينان راجية
_ طيب همشي بس وعد إنك هتتصل بيا لو حصل أي حاجة .. وكمان أول ما يفوق كلمني
ابتسم لها بلطف وتمتم بإيجاب
_ حاضر هتصل بيكي والله متقلقيش
تنهدت الصعداء بحرارة وهي تلقي النظرة الأخيرة عليه من خلف الزجاج ثم استدارت وسارت مبتعدة عن الغرفة بصعوبة كمن أجبرت على الرحيل .. وصلت إلى بوابة المستشفى بعد لحظات من السير للخروج من المستشفى .. وجدت حامد بانتظارها أمام السيارة فأخذت نفسا عميقا واقتربت منه ثم استقلت بالمقعد الخلفي للسيارة واستقل هو بمقعده ثم هتف هو يسألها بتأكيد
_ عند الحجة انتصار مش كدا ياهانم
اماءت له بالإيجار في وجه عابس وتمتمت
_ أيوة ياحامد
داخل منزل الخالة انتصار .....
كامنة في غرفتها منذ عودتها تجلس على مقعد خشبي قديم أمام النافذة ومستندة بمرفقها عليه واضعة كفها أسفل وجنتها تتأمل الفراغ من أمامها بشرود وعينان دامعة .. لا تفهم لما البكاء لكن قلبها يؤلمها عليه وهناك صوت خاڤت في أعمق ثناياها ينادي به .. يرغب في رؤيته سالما يتحدث وربما أيضا يغضب كعادته وينشب شجار عڼيف بينهم ككل مرة .
فتحت هنا الباب بهدوء ودخلت ثم اقتربت من أمها فجففت جلنار دموعها بسرعة والتفتت برأسها تجاه ابنتها تقابلها بابتسامة حانية حتى وصلت ووقفت أمامها فسألت الصغيرة بعبوس
_ هو بابي ليه مجاش ياماما
ازدردت جلنار غصة مريرة في حلقها ثم انحنت عليها وطبعت قبلة دافئة على جبهتها متمتمة بعينان دامعة
_ بابي تعبان شوية ياروحي .. والدكتور قاله لازم يقعد عنده لغاية ما يخف وعشان كدا هو قعد مع الدكتور في المستشفى .. بس وعد إنه أول ما يبقى كويس هنروح أنا وإنتي ونشوفه
زاد عبوس الصغيرة وتحول إلى حزن فور سماعها بمرض أبيها ثم قالت بملامح وجه بائسة لا تليق بوجهها الملائكي الصغير أبدا
_ بس أنا عايزة اسوف اشوف بابي هو وحشني
تمالكت جلنار زمام دموعها بصعوبة وردت عليها مبتسمة بثبات مزيف
_ مش هينفع ياحبيبتي الدكتور قال مينفعش حد يشوفه .. أول ما يبقى كويس زي ما قولتلك هاخدك ونروحله تمام
هزت رأسها بالموافقة مغلوبة على أمرها ثم طرحت سؤالها الثاني وهي تمعن النظر في وجه أمها وعيناها السابحة في الدموع
_ إنتي زعلانة عشان بابي تعبان
أخذت نفسا عميقا في محاولة بائسة منها لمنع دموعها من الأنهمار لكنها فشلت وسقطت دمعة متمردة من عينها .. ثم هزت رأسها بإيجاب تؤكد سؤال صغيرتها وهي تفرد ذراعيها وتضمها إلى أحضانها فلفت الصغيرة ذراعيها حول رقبة والدتها وردت بحزن طفولي
_ وأنا كمان زعلانة
بتلك اللحظة اڼهارت جميع حصونها الضعيفة وتوالت الدموع على وجنتيها بغزارة لكن دون صوت دموع ألم وخوف وشجن .. أبدا لم تتخيل أن يأتي يوم وقلبها ينفطر حزنا وخوفا عليه من الفقدان .
قطع اللحظة الدافئة والمؤثرة بين الابنة والأم دخول الخالة انتصار التي فتحت الباب وهي تحمل فوق ذراعيها صينية نحاسية اللون وفوقها ثلاث صحون كل صحن يحتوي على نوع طعام مختلف .. ابتعدت هنا عن أمها ونظرت إلى الخالة ثم ركضت إليها وتعلقت بقدمها تقول بصوت عابس وعينان شبه دامعة
_ بابي تعبان وماما زعلانة يانينا انتصار
نظرت انتصار إلى جلنار نظرة معاتبة لعدم تمالكها نفسها أمام الصغيرة ثم وضعت الصينية فوق الفراش وانحنت على هنا تحتضن وجهها الصغير بين كفيها وترد عليها بحنو وحب
_ بابي تعبان شوية صغنين أوي ياحبيبتي وإن شاء الله هيبقى كويس وزي الفل
ثم ألقت نظرة سريعة على جلنار التي تتابعهم بعيناها وانحنت