رواية بقلم ډفنا عمر
المحتويات
شطة
لا الدكتور قال أن ده اسبراي بيسبب فعلا عمي مؤقت تلاتين أو اربعين دقيقة ثم نظر لساعة يده متهكما فاضلك عشر دقايق ونظرك يرجع يا معلم مبروك مقدما وتعيش وتاخد غيرها
صاح بغيظ أقسم بالله ما شوفت أسخف منك فرحان فيا
أجابه ببرود بصراحة أه عشان تتلم وتفكك من حوار البنات ده أحمد ربنا إنها ما ضربتكش بال electrec shock
لأ يا فالح ده صاعق كهربائي يا جاهل بقى مغرق الأرصفة دلوقت في العتبة وشبرا وحلوان كمان أختي معاها واحد في شنطتها بتهددني به لو دخلت البيت من غير ما أقلع جزمتي المطينة وهي منضفة الأرض ساعات بتحسسني إني وباء داخل عليهم البيت
قهقهة أشرف وهو يتذكر قلت الحقك قبل ما تتصعق من أختي المچنونة
هدأت ضحكة جسار ثم غمغم بشيء من الجدية بس تعرف يا أشرف ليلتها أنبسطت اوي وسطيكم حسيت باللي مفتقده في حياتي بالذات ومامتك داخلة
أشرف ومسكنا فيك تفضل لصلاة العيد بس مارضيتش
ده انا كنت ابقا وقتها ضيف رخم لو قعدت على قلبكم ده
كله يا بخت من زار وخفف
ربت علي كتفه برفق أحنا اخوات يا جسار صحيح صداقتنا بدأت في الجامعة وتعتبر مش طويلة بس ربنا يعلم بقيت اخويا وأكتر واستطرد المهم طمني رجعت تشوف ولا لسه
بقيت شايف يا واد يا أشرف
فال بتهكم مبروك ياعم فاضلك تكة وتصرخ تقول إنها سليمة زي حنظلة في فيلم فجر الإسلام
بطل تريقة وسوق وصلني البيت
خدامك يا سيدي بس ماقولتليش صحيح ايه اللي حصل مع البنت دي وتعرفها منين صيد جديد يامعلم
ليه هرمرم على أخر الزمن عشان اصطاد بت زي دي أنا ولا اعرفها ولا شوفتها قبل كده أصلا
بسلامتها جاية تحذرني اقرب من سارة صاحبتها ولا قريبتها مش عارف
سارة مين دي
البنت اللي في تانية اللي مازن غلس عليها واستظرف وانا حوشته عنها من وقتها وهي بتعاملني اني هيروا ومعجبة بيا أوي
طب وانت مش عاجباك
صمت برهة ثم همس بشرود طفيف حاسس انها ماتنفعش تكون زيها زي غيرها يا أشرف ومعرفش ايه سبب إحساسي ده شعوري الوحيد اللي بيثيره وجودها وقت ما بشوفها بيكون الحماية بخاف على البنت دي ومابحبش حد من اصحابنا إياهم يقربلها ويضايقها لما ده بيحصل بلاقيني بدون قصد ادخل في النص وابعدها عشان كده البنت عمالة تتعلق بيا أكتر وأنا فعلا مش مخطط لكده ولا في دماغي والله
غمغم بذات الشرود معرفش حقيقي مش فاهم نفسي هي مختلفة ومش عايز حد يأذيها وبس
طيب بما ان أنثي النمر دي حذرتك عشان تبعد عنها
هتعمل ايه معاها هتبعد
ومضت عيناه بغموض ونصف ابتسامة عابثة تتجلي على وجهه وهو يهتف لأ مش هبعد
ولو جت تهددك تاني
وقتها هتسلى! وهتبقى هي اللي جت تاني لحد عندي تتحمل بقي دخولها عرين الأسد
جسار !
توقف مستديرا إليها فدنت يعتريها بعض التوتر صباح الخير
صباح النور يا سارة فينك يا بنتي غايبة عن الجامعة من كام يوم
ابدا كنت تعبانة شوية و
ترددت قبل أن تستطرد وبصراحة كنت مكسوفة اجي اكلمك بعد اللي عملته شمس بنت عمي!
شمس
لفظها داخله بتلذذ
إذا تلك النمرة الشرسة تدعي شمس وابنة عمها أيضا
واصلت سارة مبررة والله يا جسار ما كنت اعرف انها هتيجي هنا وتكلمك و
تلعثمت ولا تدري ماذا تقول فأشفق عليها قائلا
واضح انها فاهمة الموضوع غلط يا سارة فاكرة ان بنا حاجة
عصفت عيناها بحزن لتلميحه أنها لا تحتل لديه المكانة التي تشتهيها بينما يحتل هو كل كيانها وأكثر
فقالت متظاهرة بعدم الفهم
أه تقريبا أنا معرفش ليه فهمت كده وليه اتصرفت بالطريقة دي عموما أنا أسفة على اللي حصل
أومأ لها متفهما ثم دعاها ليتناولا فنجان قهوة بكافيتريا الجامعة وافقت وأثناء احتسائها تسائل جسار سارة مش عايزك تزعلي من أخر مرة اتكلمنا فيها أنتي بجد غالية علية وماحبش اضايقك أتمنى تقبلي نكون أصدقاء بجد
تجرعت حزنها داخلها وتظاهرت بالمرح
بس انا أصحابي بعمل فيهم مقالب هتتحمل مقالبي
ابتسم لمزاحها وبسط ذراعيه حوله باستسلام قائلا يا أهلا بالمعارك
ضحكت ثم ارتشفا بعضا من قهوتهما ليستطرد يعني هي بنت عمك على كده معانا في الكلية وزيك في سنة تانية
لأ هي في كلية تجارة وفي سنة تالتة
يعني بينكم سنة واحدة
أيوة بس طباعنا مختلفة خالص هي متشددة شوية بس طيبة أوي وقلبها زي بياض التلج
هي فعلا عڼيفة أوي وعدوانية دي كانت هتعميني
ألف بعد الشړ عليك
قالتها بلهفة صادقة نفذت لقلبه بشكل غريب فقلما ما ينال من أحدهم تلك المشاعر الصادقة سوي من جده الحبيب وحده الذي يحبه
تمتمت لتمحو حماقة لهفتها الواضحة هو انت ليه يا جسار بتتعمد تسقط دي تاني مرة ليك في سنة رابعة مع إنك ذكي تقدر تعدي بسهولة
تعجب من فهمها حيلته بتلك البساطة هو بالفعل يتعمد الرسوب لمن ينجح من يهتم لصالحه ومستقبله
قالت بحرج معلش أسفة لو قولت كلام مالوش لازمة
أسرع بالنفي لا ابدا بالعكس انتي قولتي الحقيقة يا سارة أنا فعلا بتعمد اسقط
ليه
استبق قوله بتنهيدة لأن محدش منتظر نجاحي
منحته نظرة عطف وهي تقول ليه بس كده مش مامتك وباباك عايشين
الحمد لله
غامت عينه أيوة
يبقي عشانهم لازم تنجحوقبل الكل عشان نفسك حرام تضيع عمرك هدر انت المفروض كنت تبقي معيد ومحقق كيانك
برقت عينه بنظرة إعجاب أخجلتها وأسعدتها بذات الوقت فقال مثنيا على حديثها العقلاني شكلك أنضج من عمرك الحقيقي
طب قول لبنت عمي اللي دايما شايفاني عيلة وهبلة
ابتسم لخفة ظلها سيبك منها بجد كلامك ناضج
وبالنسبة للي قولتيه عندك حق بس يمكن ناقصني احس بالمسؤلية وان حد يهتم فعلا اني انجح
حب نفسك وشوفها بعيونك وانت هتحس بقيمتك وتنجح وبعدين مش يمكن انت ظالم والدك ووالدتك وفاهم غلط
سارة
التفتت لزميلها الذي قاطعهما ملبية أهلا يا
أدم
رمق الأخر بنظرة غامضة ثم قال صباح الخير يا جسار عامل ايه
الحمد لله اتفضل يا آدم اشرب معانا قهوة
شكرا أنا كنت عايز سارة في حاجة
نهض جسار قائلا ماشي أنا أصلا كنت ماشي عشان أول محاضراتي هتبدأ سلام
ابتعد ليشيعه آدم بنظرة غيرة واضحة وهو يجلس أمامها ويتأملها
مطولا دون وعي لتتنحنح هي قائلة خير يا أدم كنت عايزني في ايه
أظهر بعض الأوراق المعقوصة بدبوس صغير وتمتم دي المحاضرات اللي فاتتك يا سارة عملتلك منها نسخة
حدجته بامتنان كبير وقالت بجد كلك ذوق مفيش مرة احتاجك إلا أما الاقيك من قبل حتى ما اتكلم كنت لسه هشوف حد واخدهم منه
قال بحمية تليق به حد ليه وانا موجود ثم حاصرها بنظرة دافئة المهم طمنيني عليكي بقيتي كويسة دلوقت
هزت رأسها زي القردة اهو قدامك ماتقلقش
طمني انت أخبارك ايه
الحمد لله بخير
ناوي تشتغل في الأجازة
أيوة طبعا عشان اساعد
نفسي بابا أخره معانا للثانوية وبعدها لازم ننطلق أخويا الكبير اشتغل وقت الكلية في ورشة لحد ما اتخرج وده فاده جدا لأنه أخد خبرة في ميكانيكا السيارات
افهم من كده إنك هتشتغل في مكتب محامي مثلا
بالظبط وفعلا اتفقت مع مكتب محامي كبير هبدأ معاه
طيب ممتاز انك هتشتغل مع حد كبير كده وتاخد منه خبرة
بصراحة اخويا اللي فادني عن طريق الصدفة لما جاله زبون محامي في نفس المكتب أتوسط ليا وأخدلي معاد وقابلته والدنيا مشيت
ابتسمت له بود أنا مبسوطة عشانك جدا يا أدم انت شاب جد ومكافح وعايز تبني نفسك متهيئلي حتى لو والدك موفرلك كل الإمكانيات المادية كنت برضو هتمشي طريقك بنفسك
أثلج صدره صورته بعيناها وغمغم بعمق لو تعرفي الكلمتين اللي قولتيهم دول فرحوني ازاي كنتي تاخدي مني فلوس
قهقهت عاليا لدعابته وقالت والله انت بكاش يا آدم يلا بقي نلحق أول محاضرة بدال ما الكلام ياخدنا
رواية صړخة على الطريق
بقلم ډفنا عمر
الفصل الثاني
أتى جسار لتوه من سهرة قضاها وسط رفاقه وگ عادته مل سريعا من كل ما يثرثرون به وكثيرا ما تعجب ذاته لتناقضه الجلي هو بإرادته يغرق وسط عالمهم الفارغ كأنه بصحبتهم يشتت عقله ويلهيه عن تساؤلات كثيرة تؤرقه وتخيفه خوف مبهم لا يعرف منبعه لكنه راسخ في خبايا روحه يجتاحه حتى في تفاصيل أحلامه حين يغفو ويا ويله لو تسلقت تلك الأحلام جدار واقعه وتحقق ما يخيفه
لم يحتاج للبحث عنه حتما سيجده في مكانه المفضل فذهب إليه وطرق باب مكتبه طرقتان قبل أن يعبر إليه وهو مشتاقا رؤيته وقال
السلام عليكم يا جدي
رفع الأخير عويناته الطبيه بوقار وجسار يقترب إليه ملتقطا كفه ملثما إياه بتقدير فربت الجد نادر علي رأسه وهو يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخبار ايه يا حبيبي
الحمد لله يا جدي تمام
بعتاب مبطن و دراستك تمام برضو ولا ناوي تسقط السنادي كمان يا جسار
ابتسم الأخير بحرج لتلميحه بالتقصير وقال أوعدك يا جدي انجح عشان افرحك
غمره الجد بنظرة حانية وغمغم يا ابني انا عايزك تهتم بمستقبلك وتكون ناجح عشانك انت أولا وعشان أنا وابوك وأمك وأخوك نفتخر بيك
رغما عنه ابتسم بمرارة ساخرة انت متأكد ياجدي ان بابا وماما بيفكروا فيا أصلا ده مافيش مرة ينزلوا أجازة غير لما نلح عليهم بقالهم أربع سنين مانزلوش مصر من أخر أجازة وعمر ما حد فيهم قالي ذاكر ولا خد بالك من نفسك كل اهتمامهم بأخويا رائف وبس كأنهم نسيوني في غربتهم
وواصل بنبرة حزينة أظهرت بعضا مما يعاني
محدش بيحبني غيرك انت يا جدي
انفطر قلب الجد لسماع ما قاله متفهما الفتور الذي ينخر علاقته بوالديه هو ذاته يشتهي عودة أبنه الوحيد بشكل نهائي قبل أن ينفذ أمر الله وقد بلغ من العمر عتيا فلم يبقى له مثل ما مضى ليعيشه ولا يريد رحيلا وروحه تطوق لضمة أبنه الوحيد
تنهد نافضا عنه أفكاره ثم ربت على كتف حفيده ربتة دعم ماتقولش كده وتزعلني منك يا جسار انت
عارف ماما وبابا بيحبوا شغلهم قد ايه واتعودا على العيشة هناك في البلد اللي شغالين فيها واخوك قريب هينزل عشان ياخد جامعته من هنا وتشبعوا من بعض وبعدين أنا أصرت معاك يا ولد
قبل رأسه ومحبة واحترام جده تحتل قلبه
وروحه متقولش
كده يا جدي
متابعة القراءة