رواية بقلم سلوى فاضل
المحتويات
يتناول وجبة الغداء رفقة والدته ثم يجلس بالشرفة يحتسي مشروبه ويشاهد حركة المارة إلى أن تنتهي والدته من أعمال المنزل وخلال جلسته يشاهد عودة محمود صحبة حبيبة وبالمساء يجلس مع والدته لقرابة الساعتين تقص له ما أرادت عن حياتها مع والده ثم يخلد للنوم ليعيد نفس الأحداث باليوم التالي ولنفس التسلسل قطبين متنافران رغم التقاءهما يوميا بالطريق لا يتحدثان يتجاهل ويتجنب كلاهما الآخر شاعران باختلافهما أو ربما تناقضهما ولم يحبا التعامل معا بكل يوم يرى محمود يرافق حبيبة من وإلى مدرستها لم يلتفت لها اطلاقا يغض بصره دوما إلا بذاك اليوم جلس كعادته بشرفته وبيده مشروبه الساخن فوقع بصره ككل يوم عليهما بتلك المرة انتبهت كافة حواسه لا يعلم السبب ربما لأنها ولأول مرة بزي مخالف للزي المدرسي فكان ثوب طويل قصير الأكمام ذو لون هادئ رقيق تجمع شعرها لأعلي وتجدله بشكل ضفيرة مهدلة على كتفها الأيمن وجد نفسه يسير خلفهما يسأل عنها ولم يستطع معرفة اسمها تملكته حالة غريبة لا يعرف سببها رغبة في التقرب ومعرفة اسمها وعمرها سأل نفسه هل يمكنه محادثتها يوما تعجب من ذاته لم يجد سبب لحالته ولم يستطع منع نفسه من انتظارها كل يوم ومتابعتها يراقبهما حتى يختفيا عن ناظريه تغمره حينها سعادة لم يعتاد عليها وبعد بضع أيام استطاع تحديد موعد عودتهما لم يستطع فهم أحاسيسه وكل ما علمه انه يستمتع برؤيتها والنظر إليها ومراقبتها جلس بشرفته ككل يوم منتظرا عودتهما لينعم بقدر من السعادة لكنها بذلك اليوم عادت وحيدة أثار ذلك تعجبه فمحمود لم يتركها يوما منذ رحيل والده وبذات الوقت شعر بالضجر منه متسائلا لما لم يرافقها كعادته! ألا يخشى من وقوع أي ضرر أو أذى عليها! لاحظ اسراعها وتوترها كمن تخشى أو تهاب أمرا تابعها قلقا فوجد من يلاحقها لم يمهل نفسه وقتا للتفكير فأسرع إليها ولحق بها وجذبها خلفه مطمئنها بكلمات معهودة وقع عليها لم تخشاه أو تخافه ولكن أقشعر ها بل قلبها لم تفهم معنى تلك القشعريرة ولكن نبض قلبها وهدأ خوفه بل شعر بالأمان دبت بها نشوة لا تفهمها فتعجبت من أمرها تابعته وهو يوسع الآخر ضړبا حتى فر من أمامه خائڤا وحين إلتف إليها اخفضت مقلتيها خجلا أنت كويسة رفعت وجهها ناظرة إليه فاسترسل مشدوها ما شاء الله تبارك الله خلق فأبدع إحمر وجهها خجلا وبتلك اللحظة وصل محمود تتصارع أنفاسه كمن كان يعدو لمسافة طويلة اتجه نحوها مرتابا ومتسائلا حبيبة حصل أيه أنت كويسة انتبه لوجود عبد الرحمن فتسائل متوجسا عبد الرحمن! حصل أيه واحد كان ماشي وراها يضايقها ما تقلقش أنا قمت بالواجب ما تسبهاش لوحدها تاني الناس مابقتش زي الأول واختك ما شاء الله فيها الطمع ازداد وجهها حمرة بينما إستاء محمود منه ومن حديثه ولم يتحدث مكتفيا بإماءة بسيطة وابتسم بملل ثم حاوط كتف حبيبة بذراعه وتحرك لمواصلة طريقهما أنت كويسة أومأت مطمئنة إياه واسترسل هو عبد الرحمن ضايقك في حاجة نفت بصمت فتابع حديثه أنا اسف يا حبيبة الطريق زحمة والمواصلات صعبة أنا حتى سبت بسمة عند الدكتورة حوصلك وأرجع لها ما تقلقش أنا كويسة هو عبد الرحمن ده صاحبك أول مرة أسمع اسمه لا أبدا مستحيل نكون أصحاب عمرنا ما اتفقنا ولا هنتفق لو قابلتيه تاني ما تتكلميش معاه صمتت وتملكها الضيق ولا تعلم السبب وحاولت ألا تظهر ذلك الفصل الثالث مرت عدة أيام ولم تنسى حبيبة ما حدث تلاحقها ملامح عبد الرحمن وابتسامته تشعر وتبتسم كلما تذكرتها لم تفهم إحساسها الذي داهمها حينها فكرت كثيرا في معناه ومما شعرت به دارت بمخيلتها أسئلة كثيرة لم تجد لها إجابة تمنت لو كانت والدتها معها همت أن تتحدث مع محمود عما شعرت كثيرا وتتراجع بكل مرة فقررت جعله سرا داخلها لا تقصه لأحد تحلم بتفاصيل ما حدث تتكرر على مسامعها جملته ما شاء الله تبارك الله خلق فابدع سألت نفسها مرارا هل شعر مثلها وهل يتذكرها وكطبيعة الأيام تمر سريعا وضعت بسمة توأما ذكرين واكتملت أخيرا سعادتها كانت محمود جوارها حمد الله على سلامتك يا بسمة الولاد ما شاء الله زي القمر أجابته بوهن الله يسلمك يا حبيبي شوفتهم حلوين إزاي شبهك ابتسمت والدتها بحب يتربوا في عزك يا ابني هتسموهم أيه محمد و أحمد اسماء الرسول صلي واسم بابا الله يرحمه يارب يكون لهم نصيب من اسمهم يكونوا في اخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام وصفاته ويكونوا زي بابا في حكمته وتفكيره أيه رأيك يا بسمة أكيد موافقة يا حبيبي ربنا يخليك لهم وأشوفهم زيك في عقلك وحكمتك رغم مرور فترة ليست بقصيرة على لقاء عبد الرحمن بها وإنقاذها إلا أنه لم ينسى تعابير وجهها وحمرة الخجل التي غزته وزادته جمالا وتمنى أن يعاونه القدر من جديد ليتحدث معها ويراها عن قرب لم يفكر بسبب شغفه بها أو لم يرد وكأنه يستبعد أن يحب ويهوى لم يمل مراقبتها يوميا أثناء عودتها ومحمود مكتفي بتلك الحظات البسيطة لتكون أيكونة يومه يحلم بها مستيقظا لم يختلف حالها عنه كثيرا ولم تستطع كتم ما حل بها شعرت بحاجة ملحة لأن تتشارك سرها فحكت لصديقتها سما وأخبرتها بما حل بها هو ده اللي حصل بس كده ومن يومها فاكرة اللي حصل أيوة كأنه حصل من شوية نفسي أفهم اللي بحسه ده إيه اسمه أيه أكيد لو ماما كانت عايشة كانت فهمتني يكونش ده الحب من أول نظرة بصراحة مش عارفة طيب أسأل ماما لأ أوعي يا سما أنا حكيت لك لأني مش قادرة أسكت ھ واطلع اللي جوايا ومش قادرة أتكلم مع محمود خلاص والله مش هقول لها حاجة بس عارفة أنت تقريبا بتتكلمي عن أستاذ عبد الرحمن مدرس اللغة العربية اللي أعرفه أنه أكبر من محمود أخوك شوية بس ده كبير يا حبيبة يعني الفرق بينكم كبير قوي ابتسمت بوهن مش فارق أكيد هو مش فاكر حاجة ومش في باله أنا كمان مش عارفة اللي بحسه ده أيه مشاعر ملغبطة زي البنات اللي بيحبوا ممثل يعني صورة شخص وركبت عيها أي إحساس نفسي أعيشه تفتكرى!! طيب أنت شوفتيه بعدها أومأت نافية فربتت سما على ظهرها ولم تجد قولا مناسبا أنتهى العام الدراسي قدمت حبيبة أوراقها بكلية التربية وت بها أرادت بداخلها أن يجمعها به ولو نفس الدراسة فلم تستطع حجب صورته عن ذاكرتها ولم تقوى على عدم التفكير به تحلم بما حدث يتردد على مسامعها جملتيه ما تخافيش أنا معاكي و ما شاء الله تبارك الله خلق ففابد تسال نفسها دوما يا تري هو حاسس باللي أنا حاسه به ممكن يكون فاكرني لحد دلوقتي! ولا نسيني أول ما الټفت عني يا رب اللي حصل كان من شهور وأنا مش عارفة أنسى وخاېفة ومش فاهمة يا رب لم ينعم عبد الرحمن برؤيتها كثيرا وانقطع الاتصال البصري بها بعد ان اشترى محمود سيارة تقيهم زحام المواصلات العامة وتعبها فحرم رؤياها من شرفته جن عقله وكاد أن يذهب فكر بطريقة لرؤياها خطړ بباله زميل قديم يسكن بالقرب منها وكانت حجة مقبولة ليذهب هناك ربما ناصره القدر ويمكنه من رؤياها اعتادت حبيبة القراءة بالشرفة رقص قلبه فرحا وخفق بقوة حين رأها وارتاح من عڈاب اليومين السابقين وقد عاونه القدر كرر فعلته كلما أشتاق إليها ولكنه عدل عنها بعد حين خوفا عليها وعلى سمعتها إن لاحظ أحد حاول دائما معرفة أخبارها وعلم التحاقها بكلية التربية وسعد كثيرا ومنى نفسه أن تتملكها رغبة مثل التي تملكته وحپسها عن الجميع خصوصا والدته ولكن عاد وتملكه اليأس مواجها نفسه بما توقعه أكيد يتهيأ لي دخولها نفس الكلية ما لوش أي معنى وأكيد مش فاكراني فوق يا عبد الرحمن فوق كده وأصحى حاجات كتير تمنع اللي بتفكر فيه محمود استحالة ي بك أنت وهو مش بطيقوا بعض من زمان ولا حتى باللعب غير فرق السن دول ١٢أو ١٣ سنة يعني سنين طويلة وماما آااااه حافظة وأمنيتها هتعمل فيها كتير وأنا مش هتحمل يتعمل فيها كده فوق يا عبد الرحمن كل حاجة بتقول ما ينفعش اقرب منها لازم أبعد أبعد كتير على قد ما أقدر مرت أربعة أعوام لم يستطع عبد الرحمن نسيانها سأل نفسه خلالها هل تبادله إحساسه وإن تقدم لها هل سي محمود أستتركه حافظة يحيا كما يريد يضيق ه بكل مرة فبحديث العقل النتيجة يجيبه عقله بالنفي على جميع ما طرحه من أسئلة واجه نفسه وسألها بهذه اللحظة ماذا يريد هو بحياته أيكمل فعل والده أيمكنه تأديب حبيبة إن جمعه بها القدر أيستطيع ها فحقا غريب ما يشعر به فهو لا يريد وبنفس الوقت بداخله رغبة تحثه على التجربة وتذوق تلك الهيمنة أن يملك حق الحساب والعقاپ رغبة توجهه وتحثه للتجربة تخبره كحافظة أن تلك هي السعادة صدم من نفسه وشعر وكأنه شخصين متنافرين طوال تلك السنوات تلح حافظة عليه ليتزوج وما أن أ على عامه الثاني والثلاثون باتت تلح بإصرار لا ت التأجيل والتسويف ضيقت عليه الخناق لا يجد مفر وكلما فكر بحبيبة تراجع خوفا عليها من نفسه ومن والدته بهذا التوقيت انتقلت إلى مدرسته معلمة جديدة حسناء تصغره بعامين تشبه بملامحها حبيبة وكأنها توأمها تزيد عنها طولا محجبة كلما رآها عبد الرحمن أمعن النظر بها دون شعور منه يحصي جوانب اختلافها عن حبيبة ينتبه لفعله حين يرى احمرار وجهها خجلا فاعتقدت هي إنه أعجب بها اما هو فنما داخله سؤالا أيعوضه الشبه عن وجود حبيبة بحياته! ومع ضغط والدته قرر الارتباط بها وحين أخبر والدته عنها رحبت بحفاوة بعد أن علمت ظروفها وانها يتيمة الأب وبعدين يا عبد الرحمن أنت لازم تتجوز العمر بيجري أنت مش صغير عندك ٣٢ سنة هتتجوز امتي وتخلف امتى تحدث وهو شبه شارد لا يعلم ما سيفعله خطأ أم لا في عروسة بفكر اتقدم لها ومتردد بردوا مش أي عروسة تنفع قولي متردد ليه وهي مين زميلتي في المدرسة اتنقلت قريب أصغر مني بسنتين يعني ٣٠ سنة وما اتجوزتش لحد دلوقتي ليه كده دي فاتها قطر الجواز تقريبا سألت وعرفت أنها يتيمة الأب وأمها ربة منزل ومعاش والدها بسيط ملاليم وده اللي أخر جوازها
متابعة القراءة