رواية بقلم سلوى فاضل

موقع أيام نيوز

الفصل الأول بمنتصف السبعينات بإحدى الأحياء المتوسطة يوجد أسرتين هما أساس روايتنا الأولى هي أسرة عبد الرحيم وهو أربعيني العمر ضخم ال أسمر البشرة على قدر كبير من الوسامة التي تخفي وراءها قسۏة الطبع مبتسم من يراه لا يتوقع مدي شدته وقسوته على أهل بيته فكان حازم جدا صارم متزوج من حافظة يحب والدته ويقدرها بدرجة كبيرة ويأخذ مشورتها ورأيها في كل صغيرة وكبيرة وبالرغم من زواجه إلا أنه لم يبعد عن والدته ورغم اتخاذه لسكن منفصل إلا إنه لم يستقل عنها فقد حرص أن يكون بيته قريبا منها وبالفعل كان بيت والدته يبعد عن ببته ببعض خطوات فقط أما والدته تتمتع بعدة صفات سيئة رغم سنوات عمرها فهي متسلطة شديدة قاسېة الطباع تهوي السيطرة و تتدخل في كل شيء كبر أو صغر ربت عبد الرحيم منذ نعومة أظافره على حق تأديب الزوجة وها وإن عليها فروض الطاعة بلا نقاش أو جدال وأن خوف الزوجة هو مقياس الرجولة والهيبة فسكنت هذه الفكرة عقله وقلبه ولم يتهاون في تطبيقها على زوجته حافظة التي لم تعترض على معاملته لها بالرغم من استياءها ورفضها ولكن منعها الخۏف تارة ووالدتها تارة فذات مرة استجمعت قواها وقصت لولدتها قسۏة زوجها وسوء معاملته لها فما كان منها إلا أن طلبت منها التحمل بذلك اليوم ذهبت إليها والدتها لتطمئن عليها وجلسة معها وانفردت بها بغرفتها طمنيني عليك يا بنتي جوزك عامل معاكي أيه تعبانة يا أمي صحيح هو كويس معايا بس لو غلطت أو ضايقت الست أمه بيني تفاجأت والدتها وسألتها تفاضة يك إزاي! وعلى كده بيمد ايده على طول ولا بيفهمك الأول أدمعت حافظة ظنت أن والدتها ستشجعها على الاعتراض بالحزام يا أمي أول مرة يزعق ويبرق بس لو اتعادت تاني أو حاجة شبهها بيني بالحزام اقفي في صفي يا أمي أنا عايزة أقول لبابا أنا تعبت حاولت أسكت وأخبي ومش قادرة انتفضت والدتها تقولي لأبوك أيه! أوعي ده قدرك ونصيبك ونصيحة أوعي تجيبي سيرة لأنه حيصر على طلاقك أنت ما تعرفيش يعني أيه طلاق أنا ي اتقطع من الحزام ولو تطلقتي هتتحبسي في البيت أي دخول أو خروج محسوب عليك النفس محسوب عليك معاملة أبوك هتتغير وبعدين ما أهو أبوك كان بيك بردو وجوزك من حقه يأدبك لو ما طاوعتهوش أدام مراعي شرع ربنا ومش بيطلب منك حاجة حرام يبقي تحطي لسانك في بؤقك فمك وترضي بالمقسوم وبهذه الكلمات قضت والدتها على ما بقى من شجاعة داخلها بل زادتها رضوخا لواقعها الأليم وحبست نفسها داخله الأسرة الثانية هي أسرة محمد موظف في إحدى المصالح الحكومية طويل القامة ذو ملامح بشوشة قمحي اللون عريض المنكبين هادئ الطباع تزوج من فاطمة زواج تقليديا ولكن نشأت بينهما من الوهلة الأولى قصة حب كللت عرسهما رافقهما التفاهم من اللحظات الأولى كلاهما يفهم الآخر من نظرة واحدة كان بيتهما يبعد بشارعين فقط عن أسرة عبد الرحيم برغم تقارب المكان إلا أن روح كلا المنزلين مختلفة تماما فمنزل محمد تسوده البهجة و تغمر أركان البيت السعادة والحب والتفاهم لم تستاء فاطمة أبدا من زوجها ودوما ما تردد على مسامعه أأنت أحلى هدية أعطاها لي ربنا تزوج كل من محمد وعبد الرحيم بنفس الفترة تأخر حمل فاطمة لفترة طويلة بعكس حافظة التي حملت بعد فترة قصيرة من الزواج وعندما علمت بحملها فرحت كثيرا لقدوم مولود جميل كما أن حملها أصبح درعا لها تحتمي به فذات مرة هم عبد الرحيم بتأديبها فكادت أن تفقد جنينها وأكدت الطبيبة على وجوب الراحة طوال فترة الحمل وألا تتعرض لأي مجهود وإلا فقدوا الجنين فاستغلت حافطة الفرصة طوال فترة الحمل وعندما وضعت سعدت بشدة لأن مولودها ذكرا ولكنها شعرت ببعض الضيق فقد فقدت درعها وحمايتها وعادت مرة أخرى تخضع لتأديب زوجها واسماه زوجها عبد الرحمن وكان جميلا منذ اليوم الأول أخذ من حافظة الجمال وبياض البشرة وعن والده الوسامة والطول اتسم بيت عبد الرحيم بالصمت وجفاف المشاعر كان بيتا كبيرا كثير الغرف يشبه بأثاثه وترتيبه ذوق والدت عبد الرحيم لا يعلو فيه سوى صوت عبد الرحيم وصوت الصړاخ التوسل والاعتذار لم يفقد كل من محمد وفاطمة الأمل في الإنجاب كانا على يقين أن الله سوف يمنح قلبيهما الراحة وسيرزقهما الذرية صالحة كان محمد يسمع زوجته دوما ما يريح قلبها ويطمئنها ويت مشيئة الله وقدره ويعتبرها زوجته وطفلته أما هي فلم تمل تدعوا الله موقنة من الاستجابة فرزقهما الله بعد انتظار ثلاثة أعوام بمحمود فحمدا الله كثيرا على نعمته فقد وصل شوقهما للإنجاب إلى ذروته دفق محمد على أسرته الصغيرة بالحب والحنان وبنفس الوقت يغرس في محمود بذور الرجولة والشهامة ورجاحة العقل فغرس فيه أن العقل هو المصرف لكل شيء وبالعقل والقلب نستطيع حل جميع المشاكل ازداد شبه محمود بوالده شكلا وفكرا ظهر ذلك بوضوح بمرور الوقت وكلما تحدث محمود فكان حديثه دوما عاقلا موزونا وساعده على ذلك قراءة الكتب التي حرص والده محمد أن يجلبها له يحرص دوما على مناقشته بما بها من معلومات وأفكار أما بيت عبد الرحيم فلم يكن حال عبد الرحمن أفضل كثيرا من والدته فوالده لا يتهاون معه يعاقبه بشدة وصرامة على كل شيء مهما صغر بدأ من سن الثلاث سنوت وعبد الرحمن كأي طفل ېصرخ ويحاول الهرب من والده وعقابه مما يزيد من غضبه وشدة تسديد الات له فأفهمته جدته أن الرجل يجب أن يظل صامدا مهما اشتد ألمه لم يفهم كلماتها في البداية لصغر سنه ولكن مع الوقت ومع استمرار جدته في بث كلماتها وتبسيطها له أدرك ما عنته واستطاعت أن تغرس به قوة التحمل أصبح يحاول جاهدا الصمود والتحمل دون صړاخ أو بكاء وأن يلزم مكانه حتى ينتهي والده فشل في ذلك مرات عدة حتى استطاع بالنهاية أما إذا أشتد به الألم وفاق احتماله رجا والده أن يتوقف حظي عبد الرحمن أيضا بأوقات أخرى بلحظات من الحب و الحنان الأبوي أما الأان وال فيلقاها أحيانا من والدته بغياب والده فلم تكن تجرؤ على فعل ذلك أثناء وجود زوجها فهو يري أن تلك الأفعال تفسد الرجال وأنها مناسبة فقط للفتيات والنساء علي الجانب الآخر حظي محمود بكل الحب والاهتمام فكان والديه دوما يبادلونه ويرون أن الشخصية المعتدلة القوية يجب أن تحظى بالرعاية والاهتمام والحنان مرت الأعوام والسنون أصبح عبد الرحمن ذو العشر سنوات ومحمود سبع أعوام لم يكن أي منهما يحب التعامل مع الأخر ونادرا ما يجمعهما اللعب فكل منهما لعبه يشبه تربيته فعبد الرحمن لعبه عڼيف لا ي الهزيمة ولا يترك ثأره مهما كلفه الأمر وبنفس الوقت يجيد التعبير وتهذيب الكلام ودوما ما يساعد أصدقاءه وزملائه دون تفكير لذا اكتسب حب من حوله أما محمود فلعبه رزين يعتمد على العقل والتفكير حكيم القول والفعل دوما يمد يد العون لزملائه وأصدقاءه وبذلك كان كل منهما محبوبا من جميع من حولهما لم يشاء الله أن تحمل حافظة مرة أخرى و لم ترغب هي خشية أن تنجب أنثى فيكون لها نفس مصيرها البائس ولم يهتم عبد الرحيم ولم يتحدث معها بهذا الشأن ولم تجرؤ أن تسأله وكذلك محمد وفاطمة رغم أنهما قصدا أطباء كثر أجمعوا على عدم وجود سبب طبي يعوق حملها للمرة الثانية فرضيا بأمر الله وحمداه أن رزقهما بمحمود ودعيا الله أن يكن ذرية صالحة لهما ولم يغب عن محمد أن يطمئنها بكلماته الرقيقة التي تصيب قلبها دوما تريحه وتشعرها بالسعادة وكأنها ملكت العالم واظب محمد منذ اليوم الأول من زواجه أن يستيقظ على صلاة الفجر ويوقظ فاطمه لتصلي معه بمنزلهما وما أن كبر محمود انضم إليهما وكانوا بعد الصلاة يجتمعون يناولون الإفطار ويتحدثون في شتى الأمور أما عبد الرحيم برغم التزامه بصلاة الفجر بحينها بالبيت أو الجامع وقليلا الشروق إلا أنه لم يهتم أن يأم حافظة في صلاته وإن غلبها النوم استيقظت على صفعاته المتناثرة على ها ثم يذهب لعمله وكأنه لم يفعل شيء التزم حافظة بصلاة الفجر بأخر وقتها هروبا من عقابه ودائما تمقطه هو وحياتها وتسخط عليهما ولم يختلف إحساسها بوالدته عنه شيئا فكانت تكرهها وتتمني مۏتها لتتخلص من تحكمها وتسلطها تحمد ربها يوميا أنه لم يرزقها بأطفال أخرين فقد اكتفت بعبد الرحمن أما بيت محمد فلم تفقد فاطمة يوما الأمل أن يهبها الله طفلا أخر ظلت تدعو الله بكل صلاة حتى استجاب لها وزرقها بمولودة جميلة تصغر محمود بعشر سنوات وفي يوم مولدها وبعد أن وضعت فاطمة وعلامات الاجهاد والتعب ما زالت مرسومة على ملامحها سألت زوجها الحامل للمولودة يداعبها ويجاوره ابنهما محمود الذي يطالعها بحب وحنان أخوي خالص متحدثا ببسمة وسعادة دي حلوة قوي يا بابا أنا أول مرة أشوف نونة صغيرة قوي كده عشان لسه مولوده حجمها صغير لكن المواليد بيكبروا بسرعة وشكلها هيتغير كل يوم تقريبا يعني شوية وينفع اللعب معها أنا عايز أشيلها وخاېف أوجعها نظر إليه والده وتحدث بجدية كمن يبلغ وصيته دي أختك يا محمود عايزك تحطها في عينك تخاف عليها وأوعى تيجي عليها أو تزعلها دايما راعيها واهتم بها وأي حاجة تخصها لازم تاخد برأيها وتعمل به حتى لو عكس رأيك أوعى تجبرها على حاجة أبدا! شعرت فاطمة بغصة بقلبها وكأنه يملي محمود بوصيته بالراحة عليه يا محمد ربنا يخليك لينا ودايما معنا تربيهم وتجوزهم كمان ابتسمت ثم استرسلت بتوجس مش زعلان إن بعد السنين دي جت بنت مش ولد أبدا يا فاطمة بالعكس دي حبيبتي ربنا يزرع حبها في قلب كل حد يشوفها وإن شاء الله تكون حبيبت الرحمن إيه رأيك نسميها حبيبة الرحمن اسم جميل اسمعي كده حبيبة الرحمن محمد محمود سعد محمود بطفولة وكأن الاسم معزوفة أطربته اسم حلو قوي يا بابا جميل قوي يا محمد ربنا يرزقها حب كل اللي حواليها يا رب اللهم آمين تحسنت حالة فاطمة وعادت إلى البيت ازدادت سعادتهم بوجود حبيبة وكانت مدللة الجميع يعاملها محمود كأخ وأب ثان لها يرعاها ويهتم بها يحملها كثيرا كلما عاد من المدرسة يبدل ثيابه ثم يجلس معها يداعبها ويحملها حبيبة تعالي لبابا الصغير يا حبيبتي أسرعت إليه بتخبط كادت تقع مرات عدة فأسرع إليها يعاونها

تم نسخ الرابط