من روائع القصص
فاستجمع قواه، وجر نفسه حتى وصل إلى أقرب مسجد، فارتمى في داخله، وهو لا يدري شيئاً عن هذه المحلة، ولا يعرف أحداً من أهلها.
ثم لم يلبث أن دخل ذلك المسجد رجل، فلما رآه، سأله عن حاله!
فلما قص عليه قصته؛ أتى له بطعامٍ وشرابٍ وثوبٍ يستدفئ به، وقال له أنهم يبحثون عن رجلٍ يستأجرونه ليؤمهم في الصلاة في ذلك المسجد.
فلما علموا أنه يجيد الكتابة، استأجروه ليُعلم لهم أبناءهم.
قال: فتموَّلت، وأصبحت بخير حال. فجاءوني يوماً وقالوا لي:
إن لدينا فتاةً يتيمة، نريد أن نزوِّجك بها، وألحُّوا عليَّ في ذلك، فوافقت!
فلمَّا أدخلوني عليها، رأيت على صدرها عقداً من اللؤلؤ، فلم أتمالك نفسي من إمعان النظر في ذلك العقد، وأنا في حالٍ من الذهول والعجب، إذ أنه هو ذات العقد، الذي وجدته بمكة ..
إنه لا يريد أن ينظر إلى وجهي، فهو لا يرفع بصره عن العقد الذي على صدري.
فلما صليت بهم صلاة الفجر، ذكروا لي ذلك، فأخبرتهم أنني قد وجدت هذا العقد قبل كذا وكذا ملقىً على الأرض في صرة من حرير ببيت الله الحړام، وقد أعدته لصاحبه ..
ثم أخبروني أن صاحب العقد هو والد هذه اليتيمة، وليس لديه سواها، وقد كان يؤمهم في الصلاة بهذا المسجد، وأنه ټوفي قبل مدة ..
ولكنه منذ أن عاد من الحج، لم يفتأ يدعو بهذا الدعاء، ونحن نؤمِّن من خلفه:
(اللهمَّ إني لن أجد أحداً مثل صاحب العقد؛ اللهم لقني به حتى أزوِّجه وحيدتي).
وها قد استجاب الله تعالى لدعائه، فجاء بك وزوَّجك من ابنته، ولو بعد مۏته!!!!
وهذا جزاء الأمانة وعفة النفس!!!