رواية الدهاشنه بقلم ايه محمد رفعت

موقع أيام نيوز


تحتبس دمعاتها وتتحكم في كبت شهقاتها حتى لا تصل إليه شعر آسر بأن هناك خطبا ما خلف صمتها هذا فتساءل بلهفة 
_تسنيم إنتي كويسة 
تحرر صوتها الذي كبت بداخلها لساعات ظنت فيها بأنها فقدت النطق فهمست بصوت شاحب للغاية 
_أنا عايزة أشوفك.. 
رغم غرابة طلبها وبالأخص بذلك الوقت الا أنه نهض عن فراشه ثم أسرع لخزانته ليجذب جاكيت الترنج الرياضيي ليرتديه على بنطاله ثم خرج من غرفته ليتجه اليها غير مبالي بعادات وتقاليد الصعيد ليس مهتما حتى لسؤالها عن سبب طلبها لرؤيته كل ما يفكر به بأن محبوبته تحتاج إليه وعليه الوصول إليها في الحال. 

صعد آسر لسيارته ثم تحرك بها حتى وصل أسفل منزلها ومازالت معه على الهاتف تعجبت تسنيم كثيرا حينما استمعت لصوته بعد فترة طويلة من الصمت 
_أنا تحت البيت يا حبيبتي. 
ذهلت لسرعته بتلبية طلبه الغريب فقالت بعدم تصديق 
_بجد! 
إبتسم وهو يخبرها بعذوبة صوته 
_تحبي أطلعلك ولا تنزلي إنتي! 
جسدها الذي فقد القدرة على الحركة إستعاد نشاطه فركضت مسرعة لشرفتها لتتأكد مما قال فتفاجئت به بالأسفل يشير إليها من نافذة السيارة ويغمز لها بعينيه رددت بالهاتف وعينيها مازالت مسلطة عليه 
_مش مصدقة إنك وصلت بالسرعة دي ونفذت طلبي الاهبل من الأساس. 
مال برأسه على حافة النافذة ورأسه مرفوع لأعلى تجاهها ثم قال 
_إنتي لو في أخر الدنيا هتلاقيني قصادك وقت ما تحتاجي وجودي جنبك يا تسنيم. 
ابتسمت بخجل وودت لو ظلت عمرا بأكمله هكذا تتطلع إليه فقط فماذا ستريد أكثر من ذلك استندت بجسدها على باب الشرفة وهي تتأمله بهيام فإبتسم وهو يردد 
_مكنتش أعرف إن شعرك حلو أوي. 
جحظت عينيها پصدمة فرفعت يدها تلقائيا على شعرها المتدلي على كتفيها ربما من الحالة النفسية العصيبة التي اختبرتها أنستها جميع من حولها حتى نفسها كادت بأن تهرول للداخل ولكنها استمعت لصوته الرخيم يناديها 
_تسنيم. 
استدارت تجاهه تتطلع اليه وأذنيها تستمع للهاتف بإهتمام فوجدته يمنحها ابتسامة عذباء ومن بعدها كلماته البطيئة 
_إنتي مراتي. 
سيطر الخجل على معالمها ومع ذلك بقيت محلها كأنها تحاول استكشاف القوانين الجديدة التي ستباح له يعدما حرمت على الجميع نعم هو الآن زوجها استقامت تسنيم بوقفتها في خوف حينما وجدت أبيها يخرج من المنزل ويدنو من سيارةآسر فتابعت ما يحدث بقلق من أن يحرجه أبيها.. 

بالأسفل.. 
كان العم فضل يستعد للذهاب للحقل باكرا قبل أن يأتي الأقارب لمنزله للإحتفال بالعروس فتفاجئ بسيارة آسر من أمامه فإقترب منه ثم إنحنى على نافذة السيارة قائلا بإستغراب 
_آسر بتعمل أيه إهنه دلوقت يا ولدي! 
خرج من السيارة وهو يصافحه قائلا ببسمة هادئة 
_إنت اللي رايح فين على الصبح كده يا حج.. 
قال بابتسامة صغيرة 
_رايح أشوف شغلي قبل ما الدنيا تظيط اهنه أنت بقا اللي بتعمل أيه السعادي. 
تطلع آسر تجاه شرفتها ثم قال بمكر 
_إنت عارف إن المخطوبين بيحبوا ينكفوا في بعض وده اللي حصل بينا فقولت ميصحش يبقى الحنة النهاردة وفرحنا بكره وأسيبها زعلانة منيوزي ما أنت شايف جبت بعضي وجيت لأجل ما أنول الرضا..
تعالت ضحكات العم فضل فقال بصعوبة بالحديث 
_والله ما قصرت يا ولدي بس مش هتنول حاجة طول ما انت قاعد في عربيتك اكده لازمن تدخل وتقعدوا مع بعض كده قاعدة صفا قبل ما المعازيم والحبايب يتلموا. 
وأشار له بتتابعه ثم دث مفاتحه بباب المنزل فولج للداخل وهو يشير اليه قائلا 
_تعالى يا ولدي إدخل.. 
ظل محله بالخارج وهو يردد بحرج 
_ميصحش يا عم فضل أنا همشي وهنبقى نقعد بليل مع بعض.. 
انكمشت تعابيرها پغضب 
_كلام ايه اللي بتقوله ده انت بقيت جوز بنتي وواحد منينا يعني تدخل الدار في الوقت اللي تحبه ادخل بدل ما ورحمة الغالي ازعل منك زعل واعر. 
ولج آسر للداخل قائلا بمرح 
_طب وعلى أيه ادينا دخلنا اهو هاتلنا العروسة نصالحها بقا ونتكل على الله قبل ما حد يحس بغيابي. 
منحها نظرة صارمة تتبعها قوله الحازم 
_يمين تلاته ما هتمشي غير لما نفطر سوا. 
ضحك على طريقته بالحديث ثم قال بإحترام 
_زي ما تحب. 
وإتبعه آسر لغرفة الضيافة ثم جلس ينتظرها بلهفة فما هي الا دقائق معدودة حتى وجدها أمامه انعقد حاجبيه بتعجب حينما رأى عينيها المتورمة من أثر البكاء فرفع يديه ليتفحص ما أسفل عينيها وهو يردد بقلق 
_في أيه يا حبيبتي إنتي كنتي بټعيطي! 
بلعت ريقها بتوتر من قربه منها فتراجعت للخلف قليلا ثم جلست على الأريكة التي يجلس عليها وهي تجيبه بثبات زائف 
_لا أنا بس زعلانه عشان هسيب بابا وماما.. 
رفع آسر يديه ليحتضن بها يدها ثم قال بحنان 
_ليه هو أنا همنعك عنهم عمر ده ما هيحصل أبدا الوقت اللي تحبي تجيلهم فيه تعالي حتى لو هتيجي كل يوم.. 
رسمت ابتسامة فاترة رغم دموعها التي هبطت رغما عنها فسمح لنفسه تلك 
المرة بمسحها وهو يردد بحب 
_أنا مش عايز أشوف غير ابتسامتك تاني فاهمة 
منحته إبتسامة صغيرة ومازال دمعها يتلألأ بعينيها فشعر آسر بحاجتها للبكاء فاقترب منها وعينيه تراقب رد فعلها بتركيز ثم أسند جبهته على جبهتها ليهمس جوار أذنيها بحب 
_عمري ما هعمل حاجة تزعلك أبدا ولو زيارتك لوالدتك هتفرحك هسيبك تروحي كل يوم صدقيني. 
رفعت عينيها تجاهه فحاربت عواصف فريدة من نوعها شعر آسر بأنها ترتجف بقوة فجذب يدها ليقربها اليه حتى ضمھا لصدره تبلد جسدها بعواصف يصعب وصفها ولكن أهمهما بأنها لم تتضرر من احتضانه لها بل تمنت لو ظل العمر بأكمله هكذا فكانت مشتتة للغاية تختبر مشاعر مختلفة أذنيها تلتقط صوت نبضات قلبه التي منحتها الطمأنينة والغريب بالأمر أنها لم تحاول حتى إبعاده بل غفلت بإحضانه تستئنس احساس الأمان الشي شعرت به فسحبها النوم بدفء أحضانه بعدما قضت الليل من دون نوم استغل آسر قبولها لحضنه حصن لها فرفع خصلة من خصلات شعرها المتدلي من خلف حجابها الموضوع بإهمال ثم شم عبيرها وعينيه مغلقة بقوة باتت بأحضانه بتلك اللحظة هل كان يتوقع حدوث ذلك ظل آسر يحتضنها حتى مرت أكثر من أربع ساعات أعدت فيهما والدتها الطعام وحينما ولجت للغرفة وجدت ابنتها غافلة بأحضانه فقالت بخجل 
_يلا يا حبيبي الفطار جاهز صحي تسنيم عشان تفطروا. 
رد عليها بابتسامة هادئة 
_لا سبيها تنام عشان تكون فايقة بليل.. 
ابتسمت وهي تردد 
_بس على الاقل تاكل لقمة. 
قال ويديه تربت على وجهها 
_لما تصحى إبقي اعملي اللي يريحك.. 
ابتسمت وهي تراقبه من بعبد خاصة بعد أن رفض تناول الطعام وفضل البقاء لجوارها حتى استيقظت من غفلتها بعد ساعات طويلة فوجدت ذاتها مازالت غافلة فتساءلت پصدمة 
_يا خبر أنا نمت إزاي! 
ابتسم وهو يجيبها بمكر 
_السؤال ده تسأليه لنفسك عموما أحسن حاجة عشان تبقي فايقة بليل.. 
منحته ابتسامة مشرقة ثم استأن بالانصراف بعدما اتطمئن عليها.. 

توافد الجميع على منزل الغريس فاليوم هو بداية لفرحة الغد نصبت خيمة كبيرة أمام منزل كبير الدهاشنة وضع بها طعاما ولحوما استقبالا لتلك المناسبة الهامة فعمت الالحان ثرايا القصر بأكمله ليشارك الشباب الفرحة حينما نهضوا كلاهما ليتبادلون الرقص الشرقي مع العريس وجولات متعددة باستخدام العصا وبالأخصبدر وآسر فكان كلا منهما يتألق بجلباب صعيدي من اللون الأبيض وعمة وضعها فهد بنفسه على رؤسائهم وكأنه يعزز من مقدرهما أمام الناس.. 
تسللت تالين على سطح المنزل
 

تم نسخ الرابط